الحج .. والتحجج – 20 يوليو 2016

الحج .. والتحجج – 20 يوليو 2016

الحج .. والتحجج
في عام 1980 عقد مؤتمر ” الأدب الإسلامي ” في المدينة المنورة ، ودعيت إليه بتزكية من الصديق المرحوم الدكتور نجيب الكيلاني ، ضيفا ، ولكني ابيت إلا أن أشارك في أعمال الندوة بدراسة بعنوان : ( قراءة إسلامية في أدب محمد عبد الحليم عبدالله ) وقد نشرته مكتبة مصر فيما بعد ، وكان مدار الدراسة ما عرف فيما بعد بالتناص ، وتشقيقاته ، وفي هذه الحالة هو تناص ديني في جذوره ، وإبان انعقاد المؤتمر قصدت مكة وأديت العمرة ، ولا أنكر أنني كنت أكثر توافقا روحيا في جوار رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في المدينة المنورة ، وطبيعي أن افكر في أداء فريضة الحج ، ويزداد الحنين حين يستهل موسمه ، ولكنني ظللت أؤجل القيام بحقه إنشغالا بتوطئة الحياة للأبناء ، ثم إعانتهم على توطئة حياة أبنائهم ، ولعلي كنت أرى في هذا نوعا من الواجب أو الفريضة المسكوت عنها ، وهي صيانة مستقبل الأبناء وحمايتهم من ضائقة الحياة . إلى أن استُدرجت إلى ضائقة أخرى ، وهي الضعف البدني بتقدم السن وتجاوز السبعين من الأعوام ، وبخاصة مع ما نرى في موسم الحج من تدافع وزحام تسقط فيه الضحايا ( وعندي خوف دفين من التزاحم والهرس تحت الأقدام ) إلى أن أعلنت منذ عامين مؤسسة إسلامية عن مسابقة موضوعها كتابة بحث بعنوان ( بين الهوية الإسلامية وقيم العولمة ) وكانت جائزة البحث الفائز أن يحضر الكاتب مؤتمرا فكريا في مكة ينعقد أثناء موسم الحج ، ويؤدي الفريضة في رعاية هذه المؤسسة ، وفرحت بهذه الفرصة السانحة ، بل شعرت أن الله قد قبلني أن أكون حاجا في رعاية ( شبه رسمية ) باستطاعتها أن ترعى عوامل الضعف وضرورات المرض .
وهكذا توفرت علميا على كتابة الدراسة المطلوبة بالحجم المطلوب ، وارسلتها إلى المؤسسة الإسلامية على العنوان المحدد في الموعد المقرر ، وانتظرت أن أتسلم تذكرة أو دعوة لأداء فريضة الحج ، وحضور المؤتمر .
المفاجأة : أن شيئا من ذلك لم يحدث ، فقد اختفى الإعلان ، ولم تعبأ المؤسسة بأن ترد على البحوث ، أو أن ترد البحوث ذاتها ، وهكذا ظلت أشواق فريضة الحج معلقة ، يتمتزج فيها الشعور بالتقصير بالشعور بتفادي خطر الزحام .
لا أدري : هل يقف هذا الخوف القديم حاجزا دون أداء الفريضة الواجبة ، فتظل الأشواق معلقة ، والشعور بعدم الوفاء بأركان العقيدة كاملة أم أن المقادير تحمل في طياتها حلا آخر يبدد المخاوف الموروثة ، ويشبع أشواقا لا تزال تبحث عن الري .
لا ندري ما سيكون فالمخبأ غيب ، ولم تعد لك – حتى – الساعة التي أنت فيها ..

اترك تعليقاً