حديث الذباب – 11 أغسطس 2016
(2) حديث الذباب
من بين ما نُسب إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ورواه صحيح البخاري قوله ( إذا وقع الذباب في إناء أحدكم ، فليغمسه ، فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر دواء ) ..
على اختلاف بسيط في بعض المفردات في روايات أخرى ، وقد كان هذا الحديث محل نزاعات متعددة قديما ، وحديثا وراهنا ما بين متقبل للنص تحت شعار أن السند صحيح حتى لو كانت الحكمة غائبة ، بل هناك من دافع عن صحة الحديث بأدلة استمدها من أقوال بعض علماء البيولوجيا والميكروبات ، وراح يحلل ويفسر منطوق الحديث من الوجهة البلاغية ، مؤكدا على إعجازه !!
هذه أيضا كانت إحدى ( معارك ) إسلام البحيري ، ومع أنه كان في غنى عنها ، فإن الطابع التهكمي أساء إلى موقفه العام ، موقفه من هذا الحديث .
وأذكر أن معركة كلامية أديرت على صفحات مجلة العربي الكويتية ، منذ نحو ثلاثين عاما ، ( ولا يصعب تحديد التاريخ من خلال فهرس المجلة – وهو منشور ) إذ نشرت العربي مقالا تحت عنوان مثير وهو : ” ليس كل ما في صحيح البخاري صحيحا ” وكان حديث الذباب توكأت هذه المقالة ، وسرعان ما جاء الرد في العدد التالي بعنوان : ” بل كل ما في صحيح البخاري .. صحيح ” ، وفي الشهر الثالث جاء الرد من صاحب المقال الأول متمسكا برأيه ، مدافعا عنه ، وقد نشرت المجلة هذا الرد ، ولكنها فطنت احتمالات التوسع في المعركة ، والتأكد من العجز عن إيقافها عند حد علمي بات وقاطع ، فكان أن أعلنت إعلاق باب الحوار حول هذا الموضوع ، وكفى الله المؤمنين القتال .
وهذا ما نصنعه بالنسبة لهذه الإشارة ، فلعل الذكرى تنفع المؤمنين بأهمية التوثيق العلمي لأحاديث الرسول حسب اقتراح سابق يعتمد على حصر المفردات والأساليب التي استخدمها الرسول عليه السلام في أحاديثه ، واختبار متون الأحاديث في ضوء هذه الخارطة العلمية .
الغريب أه بعد هذه الصدامات المتعددة عبر العصور لا زال من يرى أن كل ما في صحيح البخاري صحيحٌ وإن جانب العقل والمنطق والمألوف ، وصادف قلقا في بعض سلاسل الرواة ، ومن يرى غير ذلك دون أن يكون على علم يقيني بما يتبناه من القول .
وعلى الله قصد السبيل ..
