خمس تيام في قنا – 28 سبتمبر 2016

خمس تيام في قنا – 28 سبتمبر 2016

خمس تيام في قنا
تحت هذا العنوان شاهدت فيلما وثائقيا على قناة مصر الثقافية بعد ظهر الجمعة ( 23سبتمبر ) من المؤسف أنني لم ألحق باسم المعد وأدركت من اسم المخرجة ( تغريد ) لتصل إليهما التحية قصداً ، فقد أجاز العمل بدءاً من زاوية الرؤية للموضوع وهي تنحصر في إبراز الوجه الشعبي والفولكلوري لبسطاء هذه المدينة العريقة وللفلاحين المنتشرين في قرى الريف من حولها .
من ناحية السياق ( الدرامي ) كان البدء بصورة الدير ، وتصاعد التراتيل من جوانبه بداية رامزة وصحيحة علميا وفي موقعها نفسيا واجتماعيا ( بل سياسيا أيضا ) ثم أفردت مساحة لمسجد ( سيدي عبد الرحمن القناوي ) وما أمامه وحوله من تجمعات الذاكرين والمصلين ، ومن هذه البداية الثانية كانت حركة الكاميرا تتابع الأسواق الشعبية التي لا تزيد عن كونها تجمعات ( مسرسبة ) حول خطوط السكك الحديدية والترع ، وفي مداخل الطرق تأتي إلينا أمهاتنا الريفيات يحملن المقاطف والسلال فوق الرؤوس في حين يركب الرجال الحمير كما يتسابق الفرسان – بجلابيبهم البلدية – على خيولهم في ساحات الموالد .
اتجه الفيلم الوثائقي ( خمس تيام في قنا ) إلى الفنون المميزة للبيئة وأهمها صناعة الفخار في شكل قلل وفي شكل تحف وفي شكل أدوات منزلية وصناعات الخوص والجريد وهنا كانت الصورة بضوضائها العامة وغبارها الشارد صاحبة الكلمة الحاسمة في تحديد معالم الحياة في واحدة من المدن الإقليمية المهمة في صعيد مصر . وقد بلغ من أمانة الصورة أنها تعيدك ( بالرؤية البرهانية ) إلى ريف مصر في منتصف القرن الماضي كما سجلته ريشة الفنان التشكيلي محمود سعيد ومن مضى على دربه من الفنانين الواقعيين في مجال الرسم والنحت . ولهذا المشهد الحاضر دلالته / إدانته للإدارة بمستوياتها ، ولعامة المواطنين الذين لم تعمل أفكارهم أو لم تستطع أن تجد حلولا ( نحسبها ميسرة وفي حدود الممكن ) لما يعاني الريف ومدنه الصغيرة من أوجه التخلف .
تمنيت اضافات صغيرة ربما كانت تحفز الهمة في اتجاه التغيير أو التطوير . لقد حمدت للمعد وللمخرجة أنهما لم يأتيا على ذكر السيد المحافظ أو سكرتير المحافظة أو رئيس مجلس المدينة . فالصورة شعبية بامتياز وصادقة إلى درجة إثارة الوجع المصحوب بالمتعة الفنية والانبهار بالصدق ، ولكن تمنيت لو أن عنوان البرنامج كان ( خمسة أيام ) وليس خمس تيام ، فالمعنى مفهوم والصيغة المقترحة لا تحمل تزييفا وإن ساعدت على تقريب اللهجة المحكية من اللغة الصحيحة ،وتمنيت لو كان الختام لقطة سريعة للوجه الآخر لمدينة قنا حين أجرى فيها محافظها القديم عادل لبيب الذي حاول الانتقال بالمدينة إلى عصره بإخراجها من لعنة العصور الوسطى ، ربما كان هذا بمثابة إطار لافت قد يصنع تأثيرا إيجابيا .
تحية للمعد .. تحية للمخرجة .. وتحية شاملة لقناة النيل الثقافية .

اترك تعليقاً