ورحل رجل – 3 أكتوبر 2016

ورحل رجل – 3 أكتوبر 2016

.. ورحل رجل
رحل الأستاذ الصحفي محمود عارف ، الذي استقر الوعي العام على المعرفة به من خلال إطلالته الأسبوعية بجريدة الأخبار ، تحت عنوان : ” أخبار الجامعات ” لزمن طويل ، خلف فيه الأستاذ لطفي حسونة الذي تتلمذ محمود عارف على يديه ، وكان – إلى آخر يوم في عمره – يكن له احتراماً وتقديرا .
محمود عارف – تغمده الله برحمته – رحل عن دنيانا يوم 1 أكتوبر 2016 ، اجتاز قبل الرحيل عدة أشهر من المرض والمعاناة ، ولكنه – كأدبه – كان صامداً ، صامتاً ، صبوراً لا يشكو ، ولا يهاب الموت ، وكنت أعزو هذا التماسك ، وهذه القوة لما يتمتع به الرجل في تجربته الحياتية من شجاعة ونقاء أخلاقي ، وصراحة في القول ، وصدق في الشعور .
فعلى الرغم من أن نشاطه ارتبط بالصحافة منذ تخرجه من الجامعة ، فإنه لم يعرف فنون اللعب بالكلمة ، والمراءة بالوعود والأقوال كما لم يعرف مجاملة الكبار ، ولا مجاملة الصغار ، فقد كان رجل الحق الذي يقدس الواجب ، ويعتمد على الوثيقة ، وليس غير .
محمود عارف – طيب الله ثراه – جد ياسمين ويحيى ابني العميد المهندس وائل محمد حسن عبدالله ، من الدكتورة هبة محمود عارف – أستاذة اللغة بقسم اللغة الانجليزية بآداب القاهرة ، فبيننا – محمود عارف وأنا – نسب ومصاهرة ، وكان في هذه العلاقة التي بدأت منذ عشرين عاماً ، أو أكثر قليلا خير صديق وأخٍ ، كما كان خير قلم قرأت له في الصحافة المصرية بالتزامه الموضوعية ، ودقته ، ووقوفه عند الحق لا يتجاوزه .
كم من أسرار قد يصل بعضها إلى حد مخالفة القوانين ، بل مخالفة الأخلاق ، وأمانة العمل ، ارتكبها الكبار في حدود الإطار العملي ( الجامعات ) الذي يُعنى به ، وقد توفرت لديه الوثائق التي قد تعصف بمن يظنون أنفسهم كباراً ، فكان يعف عن السكوت عليهم ، ولكنه في نفس الوقت يحرص على أن يظل قادرا على أداء عمله دون تأثير سلبي على المساحة الممنوحة له . محمود عارف – أقام عمره كله في نفس الشقة التي أقام بها حين كان طالبا في جامعة القاهرة ، وهي في موقعها بالدقي إلى اليوم ، عاش فيها طالبا ، وفيها تزوج ، وفيها أنجب بناته الثلاث ، ونشأهن خير تنشئة ، ثقافة وأخلاقا وسلوكا ، إلى يوم رحيله .. رجلاً .. جبلاً شاهقا .. تبقى ذكراه محفوظة ليس في باب أخبار الجامعات عشرات السنين وحسب ، بل محفوظة في الضمائر والقلوب ، وانفاس المحبين ودعواتهم .

اترك تعليقاً