همسة في أذن صديق .. 9 ابريل 2017

همسة في أذن صديق .. 9 ابريل 2017

همسة في أذن صديق ..
هذه الهمسة موجهة إلى كل الأحباب الذين يتعاملون مع صفحتي على “الفيس بوك” بكل سماحة وتسامح ومودة وتقدير ، أرجو أن أكون قد حملت في صدري مثل هذه المشاعر الإنسانية الراقية تجاههم . لابد أن أسئلة معلقة تلاحق بعض ما كتبت مما أطلق عليه “وثبة” وقد سبق لي أن كتبت في مجلة كلية الآداب ( جامعة الكويت ) مقالات متنوعة من هذا الحجم المحدود تحت عنوان ثابت : ” ألوان الطيف ” – إشارة إلى تعدد موضوعاتها ، وبعد أن عدت إلى أرض الوطن ، نشرت بعض هذه الألوان في كتاب اخترت له عنوان : ” جرة قلم ” وهذا تعبير شعبي عن الكلمات القليلة التي قد تكون عفو الخاطر ، ونشر هذا الكتاب عام 2000م ، ومثل سائر مؤلفاتي لم يشغل بال أحد ( باستثناء المؤلف بالطبع ) ، ولكن حين لعب الفار في عبي لمعاودة كتابة المقالة القصيرة في الشكل المعهود ، رأيت أن أحتفظ باسم ( جرة) ولكنها هذه المرة ليست جرة قلم ، بل ( جرة عسل ) أستخرج منها – في طبق محدود المساحة – قطرة أو قطرات أضيف بها صديق صفحتي ، على أن بعض هذه المقالات القصيرة قد يكون مختلفا عن العسل ، أو نقيضا له ، أو يغلب عليه الشجن ، فرأيت أن استخدم بين الحين والآخر عنوان : ( جرة ربابة ) وهذا التعبير هو أول ما سمعته من إذاعة الكويت حين استمعت إليها فور وصولي يوم 26 سبتمبر 1962 ، إذ قال المذيع : ” وإليكم هذه الجرة على الربابة ” فلم أفهم – أنا ربيب الإذاعة المصرية – معنى هذا التعبير ، غير أن صوت الربابة البدوية ما لبث أن أقر المعنى في عقلي !! وهكذا ساعدت ظروف مختلفة على الاستخدام الفني المتوحد في اللفظ ، والمختلف في المعنى ، على استبقاء مصطلح ( جرة ) في حدود المشترك اللفظي ، كما تعلمنا اللغة .
ولأن الزمار يموت وأصابعه تلعب – حسب ما تعود – فقد دأبت بعض تلك المقالات القصيرة على أن تأخذ الشكل القصصي ، فاستقبلت من أصدقاء الصفحة على أنها “قصص” عند البعض ، و ” اعترافات ” عند بعض آخر ، فطُرحت أسئلة لا أجد فائدة مضافة في الإجابة عليها ، فالمهم في الكتابة هو المتعة ، وأرجو أن لا ينسى أصدقاء الصفحة أنني بدأت مسيرتي الكتابية كاتبا قصصيا ، وأول جائزة حصلت عليها كانت في القصة ، وكذلك كان أول كتاب ، ثم شغلني البحث الأكاديمي ، والجري وراء الألقاب الجامعية من معيد ، إلى مدرس ، فأستاذ مساعد ، فأستاذ ، فأستاذ خارج هيئة التدريس .. إلى أن يشاء الله .
وأذكر أنه حين اقتربت من ” شخص ” نجيب محفوظ ، وعرف أنني كنت أكتب القصة ، حاول إغرائي بمعاودة الكتابة القصصية ، فقلت له : يا أستاذ لقد دب الشيب في رأسي ، ولم أعد أصلح أن أكون أديبا ناشئا !! فأطلق ضحكته المعروفة وقال : ومن الذي يحملك على ذلك؟ أمامك تجربة الدكتور شكري عياد ( شكري محمد عياد – أستاذ الأدب والنقد – آداب القاهرة – توفي 1999 ) فهو أستاذ جامعي مقدّر ، وكاتب رواية وقصة مبدع !! فهل لعبت أصابع الزمار بوحي هذه التوصية المحفوظية ؟!
الذين يسألون عن حقيقة ( صفية الأوستن ) و ( راجية ) وما سيأتي على شاكلتهما ، أذكرهم بعبارة لناقد إنجليزي تستحق أن نستوعبها : ” لا شيء يوجد من لا شيء ! حتى الإنسان خلقه الله من مادة سابقة هي الطين ” !!
المهم ألا أصل حد الافتعال أو التلفيق ، فالفن صناعة ، وتشكيل جمالي ، وقدرة على توظيف التجارب الجزئية ، لتعطي لمتلقيها المعاني الكلية والمغزى الإنساني .
وأختم هذه الهمسة في أذن الصديق زائر صفحتي ، أنني سأعمل على ازدواج الخط التأليفي ما بين نقد وقائع الحياة الراهنة ، وتشكيل بعض أحداث الماضي الشخصي أو العام ، هذا هو الخط الأول ، أما الخط الآخر فسيكون – بعون الله وتقديره – بمثابة عرض لأحد مؤلفاتي بترتيب تعاقبها ما بين ظهور أول كتاب عام 1962 ، وحتى آخر كتاب أجتهد في حث الناشر على إخراجه .

اترك تعليقاً