العدل الالهي – 13 ابريل 2017

العدل الالهي – 13 ابريل 2017

العدل الإلهي ..
أحد قواعد الإيمان الذي لا تخالجه ذرة قلق ، المستقر في قلبي وعقلي ، وهذا العدل الإلهي لا يتوقف عند حدود ” العالم المنظور ” أو الحكم على أعمال البشر ، كأن يمارس شخص – بما في يده من سلطة – التحكم ، أو الظلم ، أو إيثار النفس ، أو التفرقة بين أهل الاستحقاق .. إلخ . فهذا يدخل في نطاق ” العدل البشري ” الذي يعرفه القضاة ، واقسموا على إنفاذه بحكم القوانين التي ارتضاها مجتمعهم ، واتفقت عليها الأمة !!
العدل الإلهي يتجاوز هذا المدى المنظور بأن يكون عدلاً شاملاً لكل بقعة على امتداد الكون ، ولكل الأمم ، والبشر ، والأفراد . وأعتقد اعتقادا راسخا بهذا العدل الإلهي فيما يخص توزيع خيرات الطبيعة على مساحة المعمورة ، فقد تبدو لنا بعض المناطق ( أو الأقطار ) بالنظرة العجلى أن الله سبحانه وتعالى ، قد أسبغ عليها من النعم ما لم يمنح مثله لمناطق أخرى ، أو أقطار غيرها ، مثلما نشاهد في المخزون الخفي في باطن الأرض من المعادن كالحديد والنحاس والفحم والنفط والغاز والألماس والذهب والفضة والبلاتين .. وغيرها على اختلاف في التقدير ، أو القيمة المادية . وكما نشاهد أيضا – من منظور سطحي – أن بعض البلاد أرضها مكسوة بالرمل ، أو بالغابات ، أو بالجليد ، أو بالمستنقعات . وفي مجال المياه تتمتع بعض القارات أو المناطق بمصادر مائية وفيرة ، وفي غيرها يسيطر الرعب من الشح المائي الذي يعانيه السكان !!
هذا ما تراه العين المتعجلة في حكمها بأن خيرات الله الموهوبة للبشر ، فضلت بلاداً على غيرها ، وهذا ما يرفضه عقلي وإيماني تماماً ، من منظور مبدأ اليقين بالعدل الإلهي أولا ، وثانيا من ملاحظة أن ما أسبغه الله على بلاد الله له مظاهر مختلفة ، ويظهر في توقيتات غير متزامنة ، ويخضع – في استخلاصه – لقدرات بشرية مطلوبة ، ومن ثم يرتبط ” العدل الإلهي ” بقدرة الإنسان على ” إعمار الكون ” وهو غاية أساسية من غايات وجود الإنسان على الأرض – ومن الواضح أن إعمار الكون يعتمد – فيما يعتمد – على التقدم العلمي ، والكفاية في الإدارة ، فكم من أرض تتمتع ظاهراً وباطنا بخيرات ظاهرة وباطنة ، ولكنها تعيش في قلق ، وعوز ، وصراع بأسباب تخلفها العلمي ، وسوء إدارة ساستها لها . بما يعني أن التخلف البشري ( العلمي ) ، وغياب العدل بين الناس أهم أسباب تعطيل ظهور مبدأ العدل الإلهي الذي يعمل تلقائيا – إذا تساوت الظروف – على أن تكون الحياة الإنسانية سوية ، ومطمئنة ، ومشبعة ، وآمنة .
في حدود المنظور تتميز مناطق أو أقطار بموقعها الجغرافي ، وأخرى بجوها الصحي المعتدل ، وغيرها بالمعادن في باطنها ، أو بالزراعات السخية التي تغطي تربتها ، أو حتى بتاريخها المعرفي الذي يجتذب إليها أفئدة العالم تطلب منها ما لم يكن متيسراً لها !! هذه – في جملتها – بمثابة إعمال لمبدأ العدل الإلهي الراسخ ، الذي تتعادل به الحياة البشرية ، وتستقيم كما أرادها الله ، وأوصى بها أبناء آدم ، ابتداءً بأبيهم المخلوق من مادة الأرض ، والعائد إليها ، والمطالَب بإعمارها قدر طاقته ، كما طالب ذريته المنتشرة في الأصقاع ، على أن تعمل وفق مبادئ العمل ، والعدل ، والحفاظ على النفس الإنسانية لكل فرد ، وللجماعة أيضا ، فإذا لم تطبق هذه المبادئ ، فإن هذا يؤدي – ولو مرحليا – إلى جنوح الميزان ، وكأن الله العادل ( سبحانه وتعالى ) قد ميز في منح خيراته مناطق عن غيرها دون أسباب مقنعة للعقل الإنساني ، وللضمير الإنساني الذي يستطيع أن يميز العدل من الظلم ، والمساواة من المحاباة .
فالحقيقة أن مبدأ العدل الإلهي سائد – دون أدنى تحفظ – في كل جوانب الكون ، كما في الطبائع البشرية ، أما الخلل فيأتي من جنوح أفراد أو قطاعات ، أو أقطار ( في حدود الفعل البشري ) عن السوية ، وعن تطبيق العدل ، واحترام إنسانية الإنسان ، أيا كانت قدراته .
من هنا يختل الميزان ، فتأمل .. وتفكر .. واستلهم معنى التقدم ، والتخلف ، في الفعل الإنساني ، وليس في إلقاء التبعة على المقادير .. فهي عادلةٌ أبداً ..

اترك تعليقاً