اسم الكتـاب : الحكيم وحوار المرايا -5 مارس 2018
بطاقة الكتاب الرابع والأربعين
اسم الكتـــــاب : الحكيم وحوار المرايا .
النشـــــــــــــر : دار قباء – القاهرة – 2000
عدد الصفحات : 180 صفحة من القطع المتوسط .
حول التجربة
كما يدل عنوان هذا الكتاب ، فإن الحكيم – فيه – يحاور نفسه!! يعيد قراءة أعماله ، يحاول تجديد مرامي أدبه باكتشاف آفاق أخرى لم تكن واضحة له حين إبداعها ، وربما لم يتطرق إليها نقاده ، على كثرة ما كُتب عنه . ولهذا الكتاب مناسبة طريفة ، فقد التحقت بمجلس توفيق الحكيم ، ونجيب محفوظ ، ومحبيهما في صيف 1977 بالإسكندرية ، وكان ينعقد في كازينو بترو ، فوق هضبة سيدي بشر ، فلما أزيل الكازينو لصالح بناء عمارات للمصيفين – انتقل المجلس إلى فندق شانزليزيه ، القريب من الموقع ذاته . ومن تقاليد هذا المجلس كانت تعلق لافتة باسم “ركن توفيق الحكيم” نتجمع تحتها . إلى أن انتقل توفيق الحكيم إلى رحاب الله (1987) ، فاعتذر نجيب محفوظ مبديا رغبته باكتشاف موقع آخر ، فذهبنا معه إلى حديقة فندق سان استيفانو، وأنا اذكر هذه الأماكن كنوع من التوثيق ، وكنت ذلك الحين أعمل بجامعة الكويت ، من ثم كان اللقاء صيفيا فقط ، وكنت أحمل معي جهاز تسجيل صغير في هذه اللقاءات ، ولم يكن أي من الحاضرين يرفض أن يسجل ، إذا رغبت في التسجيل ، وقد سجلت لنجيب محفوظ كثيرا ، ولكن “الحكيم” رفض التسجيل تماماً ، بل كان كلما رآه قال : أخينا بتاع الكويت ، اقفل التسجيل !! وكنت أتضايق جدا من تكرار هذه العبارة (وبالعند فيه) دأبت على أن أسجل بقلمي كل ما نطق به الحكيم – حرفيا تقريبا – عقب عودتي إلى البيت ، وبذلك تجمعت مادة هذا الكتاب المكون من : سبعة فصول – الفصلان الأخيران منها كانا مقالين ، سبق نشرهما بمجلة البيان الكويتية “قراءة حرة في مجتمع توفيق الحكيم ” وفي كتاب تذكاري سبق إصداره عن الحكيم ، وشاركت فيه بدراسة بعنوان “جدلية التمني والتحقق : الحكيم يقرأ أدبه قراءة أخرى” . أما الفصول السابقة على هذين الفصلين ، فهي تقوم على الوصف التفصيلي لمجلس الحكيم بين جده وهزله ، وما يتطرق إليه من دفاع (مستأنف) عن قضايا ومواقف ربما لم تُفهم جيداً ، مثل علاقته بجمال عبد الناصر ، التي شغلت الفصل الثالث (25صفحة) .
وأشهد أنني في هذا الكتاب قد رسمت صورة حقيقية ، صادقة ، ودقيقة لأديبنا الكبير ، الذي اكتشفت فيه انه يتجاوز ظرفاً ، وإنسانية ، وجمالاً ، وحضور ذهن ، وإتقان تصوير – يتجاوز كل ما كتب على كثرة ما كتب .
أحسب أن هذا الكتاب يعد نادراً في موضوعه ، إذ يتوافر على وصف مجلس أدبي متكرر لأهم أدباء مصر ، عبر أكثر من اثنتي عشرة سنة ، وإن اقتصر الزمن على أشهر الصيف ، واختصر المكان في أحد محافل الإسكندرية . وقد تصدرت الكتاب صورة وحيدة تجمع بين الحكيم وبيني في ركنه المحدد بفندق شانزليزيه ، وهي صورة أعتز بها وإن لم تكن الوحيدة التي احتفظ بها مع أديبنا الكبير .