النمط أو الشخصية الجاهزة – 1نوفمبر 2018
1- اللؤلؤة : النمط أو الشخصية الجاهزة .
” وقال إبراهيم بن هانئ ، وكان ماجنا خليعاً ، وكثير العبث متمرداً . ولولا أن كلامه هذا الذي أراد به الهزل يدخل في باب الجَد ، لما جعلته صلة الكلام الماضي. وليس في الأرض لفظٌ يسقط البتة ، ولا معنى يبور حتى لا يصلح لمكانٍ من الأماكن .
” قال إبراهيم بن هانئ : من تمام آلة القَصص أن يكون القاصُّ أعمى ، ويكون شيخا بعيد مدى الصوت . ومن تمام آلة الزَّمرْ أن تكون الزامرة سوداء . ومن تمام آلة المغني أن يكون فارهَ البِرْذوْن ، برّاق الثياب ، عظيم الكِبر ، سيء الخلق. ومن تمام آلة الخمَّار أن يكون ذميا ، ويكون اسمه أُذين أو شَلُوما ، أو مازيار ، أو أزدانقاذار ، أو ميشا ، ويكون أرقط الثياب ، مختوم العنق . ومن تمام آلة الشعر أن يكون الشاعر أعرابياً ، ويكون الداعي إلى الله صوفيا . ومن تمام آلة السؤْدُدِ أن يكون السيد ثقيل السمع ، عظيم الرأس . ولذلك قال ابن سنان الجُديدي ، لراشد بن سلمة الهُذلي : “ما أنت بعظيم الرأس ولا ثقيل السمع فتكون سيدا ، ولا بأرسح فتكون فارسا ” .
وقال شبيب بن شيبة الخطيب ، لبعض فتيان بني منقرٍ : “والله ما مُطِلت مطل الفرسان ، ولا فُتقت فتقَ السادة ” .
2- المحارة :
-في هذه اللؤلؤة قدرة على إرسال ومضات مختلفة ، كلها مهمة ، ولا ننتظر من الجاحظ غير هذا ، فهو خير من يسجل الأوصاف الدقيقة ، لما يشاهد وما يسمع .
-يبدأ بأن يذكر أن راوية هذا الكلام الآتي شخص عابس ، لا يعتد به ، ومع هذا فقد اعتد الجاحظ به ، وروى عنه ، وفي هذا يؤكد ما ذكره من أنه ما من كلام مهما كانت درجته من الفصاحة أو عدمها إلا وله مكان يناسبه ، ثم يروي عن إبراهيم بن هانئ سلسلة متدفقة من الصور الطريفة لأصحاب الصنائع ، استخلصها من مشاهداته في عصره (وهو عصر الجاحظ نفسه ، غير أن الأمانة العلمية ألزمته أن ينسبها إلى صاحبها) .
-بعض الصور لا تزال مناسبة إلى اليوم ، ومقنعة ، وكأنها خليقة أو سليقة لأصحاب بعض المهن النادرة أو الطريفة ، وكأنه بذلك يقدم توصيفاً لأنماط جاهزة مستمدة من الحياة الفعلية في ذلك العصر . وعلى المشغولين بالتراث أن يستوعبوها
-الأرسح : خفيف لحم الفخذ وهو ما يناسب الفارس ، والمُطل : المد ، وهو ما يناسب الخطباء والسادة ، والفتق : القدرة على تفتيق الكلام .
3- الهيــر :
-” اللؤلؤة من كتاب “البيان والتبيين” : تحقيق عبد السلام هارون – الجزء الأول – الناشر مكتبة الخانجي بمصر ومكتبة المثني ببغداد – 1960 – ص 93 ، 94 .