في غروب شمس العشاق – 6 ديسمبر 2018
1- اللؤلؤة : في غروب شمس العشاق ..
” قال جعفر بن علبة الحارثي :
هواي مع الــركـب اليمانين مُصعد .. جنيبٌ ، وجثمـاني بمكـة مــوثـــقُ
عجبت لمســراهــا وأنّى تخلصـت .. إليّ ، وباب السجـن دونــي مغلقُ
ألمت ، فحيت ، ثم قامــت فودعت .. فلما تولت ، كادت النفــــسُ تزهقُ
فلا تحسبي أني تخشعـت بعدكم .. لشيء ، ولا أني من المــوت أفرقُ
ولا أن نفسي يـزدهيها وعـيدهـم .. ولا أنني بالمشي في القيد أخرقُ
ولكن عرتني من هـواكِ ضمــانـةٌ .. كما كنت ألقـى منك إذ أنا مُطلـــقُ
2- المحارة :
-هذه الأبيات الستة جزء من قصيدة ، غير أنه مكتفٍ بنفسه ، يصور مشهداً من مشاهد العشق حين يحاصر العاشق أو يسجن ، ولكن صورة المعشوقة تجتاز الموانع ، فتجالسه في وحدته ، وتؤنسه حيناً فتسري عنه ، وتقوي من روحه المحاصرة ، غير أنه يعود إلى واقعه ، وقد استعاد جسارته ، فلا يأبه للتهديد ، ومن ثم يفسر ما ينتابه من الرعدة ، بأنه هكذا يكون قلب العاشق ، وليس قلب الخائف .
-الشاعر جعفر بن علبة الحارثي من مخضرمي الدولتين (الأموية والعباسية) فقد عاش زمن العشاق العذريين ، ومارس حياة العشاق المغامرين ، فدفع حياته ثمناً لمغامراته العشقية على اختلاف في الطريقة والأسباب المباشرة .
-تذكرنا هذه القصيدة – في صورتها التامة – ببعض ما قال الشاعر (الأموي) مالك بن الريب في قصيدته المشهورة التي رثى فيها نفسه ، ومطلعها :
ألا ليت شِعري هل أبيتن ليلةً .. بجنب الغضى ، أزجي القلاص النواجيا
وهي إحدى نوادر الشعر العربي التراثي .
-تتميز قطعة جعفر بن عُلبة بالكثافة والسمو في تصوير العاطفة ، ورصد الحركة النفسية ، ولنتأمل بيته الذي تصعب محاكاته :
أَلَمّتْ ، فَحَيّتْ ، ثم قامت ، فودعت .. فلما تولت ، كادت النفسُ تَزهقُ
– أما حياة جعفر بن عُلبة ، فإنها نموذج لشاعر وجودي – عاش قبل عصر الوجودية بمئات السنين ، ودفع حياته ثمنا لسلوك متحرر يرفض الحدود والقيود ، وهي حياة جديرة بأن تقرأ قراءة جديدة عصرية ، في ضوء معطيات علم النفس .
3- الهيــر :
-” عن حياة الشاعر وشعره ، كتاب عباس هاني الجراخ ، نشره مركز جمعة الماجد – دبي – 2010 .
– الأبيات المذكورة اعتمدت فيها على ذاكرتي ، وقد تلقيتها في درس الأدب المقارن عن أستاذي محمد غنيمي هلال – طيب الله ثراه – وفي صيغة الديوان بعض الاختلاف .