الطبع غلاب – 3 يناير 2019

الطبع غلاب – 3 يناير 2019

1- اللؤلؤة : الطبع الغلاب !!
من نوادر “رسالة الغفران” : أن أديب حلب : علي بن منصور ، المعروف بـ(ابن القارح) كان يتجول في الجنة ، فلما أوشك أن يغادرها ليطلع على أهل النار ، لمح من بعيد بيتاً في أقصى الجنة ” كأنه حفش أَمةٍ راعية ، وفيه رجلٌ ليس عليه نور سكان الجنة ، وعنده شجرة قميئة ، ثمرها ليس بزاكٍ ” . فيقول (ابن القارح) : يا عبدالله ، لقد رضيت بحقير شقنٍ [ قليل ] . فيقول : والله ما وصلت إليه إلا بعد هِياطٍ ومِياط ، وعرق من شقاء ، وشفاعة من قريش ، وددت أنها لم تكن [!!] . فيقول (ابن القارح) : من أنت ؟ فيقول : أنا الحطيئة العبسي ، فيقول : بم وصلت إلى الشفاعة ؟ . فيقول : بالصدق . فيقول : في أي شيء ؟ . فيقول : في قولي :
أبت شفتــاي اليوم إلا تكلمـا  .. بهُجرٍ ، فما أدري لمن أنا قائله
أرى لي وجهاً شوّه الله خَلقه .. فقُبـح من وجه ، وقُبح حامله !
فيقول : ما بال قولك :
من يفعل الخير ، لا يعدم جوازيه .. لا يذهب العُرف بين الله والناسِ
لم يُغفر لك به ؟ . فيقول : سبقني إلى معناه الصالحون ، ونظمته ولم أعمل به ، فحُرمت الأجر عليه . فيقول : ما شأن الزبرقان بن بدر ؟ فيقول الحطيئة : هو رئيس في الدنيا والآخرة ، انتفع بهجائي ، ولم ينتفع غيره بمديحي ” .
2- المحارة :
– لقد رسم شيخ المعرة جنة الله التي يثيب بها الصالحين على صورة الدنيا ،و هذا قياس عادل ، مادامت أعمال الناس – مدحاً وقدحاً- تتفاوت ، فها هي ذي جنة الله المترامية يبدو في أقصاها ، وفي بقعة نائية منها منزل ينتمي إلى طائفة العشوائيات ، أو ما يشبهها في دنيانا ، وهناك يجد (الحطيئة) الشاعر الهجّاء ، فيسأله عن ضآلة موقعه ، فيدلي بقول لم تسلم فيه قريش نفسها من هجائه (وددت أنها لم تكن) ، فكأن طباعنا الدنيوية تلاحقنا في حياتنا الأخروية . ونتأمل وصفه لعمله الصالح بأنه : نظمه ولم يعمل به ، ومن ثم لم ينل أجره كاملا . فهذا تقويم دقيق وخيال طليق يتعانقان في تصوير فيلسوف المعرة لهذا الموقف النادر.
3- الهيــر :
– اللؤلؤة من “رسالة الغفران” للمعري – تحقيق : الدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) – الطبعة الرابعة – دار المعارف بمصر – ص307 .

اترك تعليقاً