في المنهج – 10 يناير 2019
1- اللؤلؤة : في المنهج ..
” أشار نص اللؤلؤة السابقة إلى هجاء “الحُطيئة” لـ” الزُبرقان بن بدر” ، وبقدر ما تمجد المصادر التراثية شخص “الزبرقان” وأخلاقه ، تنتقص شخص “الحطيئة” وكذبه في هجائه . وهناك موقف للحطيئة مع عمر بن الخطاب ، فقد هجا “الحطيئة” “الزبرقان” في أبيات مشهورة منها:
دع المكارم لا ترحل لبُغيتها .. واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
وأبيات هذه القطعة التي تنضح بالمعاني المُحطة بكرامة العربي الأصيل ، ادعى الحطيئة حين استدعي للمثول أمام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن هذه الأبيات لا تحمل معنى الهجاء ! فما كان من عمر إلا أن استدعى حسان بن ثابت ، وأسمعه الأبيات ، وسأل عمر حساناً : أتراه هجاءً ، فقال حسان : نعم . فحبس عمر الحطيئة ، وظل في محبسه يصنع الأبيات تلو الأبيات يستعطف بها قلب أمير المؤمنين ، حتى لان قلب عمر بعد تمثيلية طريفة ، تظاهر فيها بأنه سيقطع لسان الشاعر (فعليا) ، ثم اشترى منه أعراض المسلمين بأن يكف عن الهجاء تماماً بقدر من المال منحه له ليستعين به على مواجهة حياته .
2- المحارة :
– أشار أبو العلاء المعري من خلال راويته (ابن القارح) الذي قاده بين رياض الجنة ومهاوي النار ، إلى هذه الحادثة السابقة المتعلقة بالزبرقان بن بدر .
– وهناك حادثة أخرى : طرفاها الشاعر الحطيئة أيضا ، وتميم بن مقبل (أحد سادات العرب) وكان هجاؤه له اشد التباساً من هجائه للزبرقان ، وسنعرض لها في لؤلؤة تالية ، وما يعنينا هنا في هذا المقام : أن أمير المؤمنين (عمر بن الخطاب) على جلالة مقامه ، وبكل ما يمتلك من بصيرة ومعرفة ، وعلم بالعربية ومسالكها ، لم يجد حرجاً – حين وجد شيئا من الالتباس أو التردد في الحكم على أبيات من الشعر – أن يرفع الأمر إلى خبير بالشعر ، وهو في حالتنا هذه الشاعر (حسان بن ثابت) – رضي الله عنهم أجمعين .
– من دعائم المنهج في الفكر العربي : الاحتكام إلى أهل الاختصاص ، وقبول حكومتهم . فليس شرطاً أن يكون صاحب المقام الأعلى – بالضرورة – صاحب المعرفة الأعلى ، فضلا عن أن يكون صاحب المعرفة الأوحد .
3- الهيــر :
– اللؤلؤة من كتاب “الأغاني” للأصفهاني – مصور عن طبعة دار الكتب – الجزء الثاني – ص184 .