ضراعة الأب المفجوع .. 16 مايو 2019

ضراعة الأب المفجوع .. 16 مايو 2019

1- اللؤلؤة : ضراعة الأب المفجوع ..
في المشاهد الأخيرة من (ملحمة الإلياذة) لشاعر الإغريق الأعظم هوميروس ، يطارد أخيل (أخيليوس) الآثيني عدوه بطل طروادة (هيكتور) فيقتله ، ويجر جثته بعربته الحربية في مشهد عصيب يحمل الأب بريام (برياموس) عظيم طروادة ، على أن يتسلل خفية بين صفوف جيش الأعداء ليلقى قاتل ولده ، فيقدم إليه ضراعة وفدية ليحصل على جثمان ولده ، ويقوم بمواراته التراب . هكذا جرى الحوار عبر النص الملحمي (الإلياذة) :
” عندئذ خاطبه برياموس ، متوسلا وقال :
يا شبيه الآلهة ، أخيليوس ، تذكر والدك ،
فهو معمر مثلي ، وعلى عتبات شيخوخته المضنية .
من يدري فربما كان القاطنون حوله ، والمحيطون به
يزعجونه ، ولم يجد أحداً ليدرأ عنه السوء والفناء ،
ولكنه على الأقل ، عندما يسمع أنك ما زلت حياً
ينشرح صدره ، ويأمل في كل يوم
أن يرى ولده الحبيب ، عائدا من طروادة .
أما أنا ، فتعس سيء الحظ ، لقد أنجبت أفضل الأبناء
في طروادة الفسيحة ، وأقول لك : إن أحداً لم يبق لي منهم .
[ الموت ] ترك لي فقط الذي كان يحمي المدينة ، ورجالها ،
فقد أرديته قتيلا أنت حديثاً ، وهو يدافع عن وطنه
إنه هيكتور . فمن أجله أتيت الآن إلى سفن الآخيين ،
كي أفتديه منك ، وقد أحضرت معي فدية كبيرة لا تعد ولا تحصى .
خاف الآلهة ، أي أخيليوس ، وأشفق عليّ .
عندما تتذكر والدك ، فأنا أهل للشفقة أكثر منه ، إذ تحملت ما لا
يتحمله شخص آخر ، من البشر الفانين على وجه الأرض .
بأن أقبل يد من قتل أبنائي ” .
هكذا تحدث ، فاستثار أحزان (أخيليوس) ليبكي والده .
وأمسك بيد الشيخ الهرم ، ونحاه برقة جانباً ، ثم أخذا يستعيدان
الذكريات الحزينة : أحدهما يتذكر هيكتور ، قاتل الرجال ،
وأجهش بالبكاء ، وهو ينحني على قدمي أخيليوس ” .
2- المحارة :
– لا يتسع وصف المشهد لمزيد من البيان ، فهو يشرح نفسه ، وتبدو المشاعر الإنسانية في صراع مع الموروث البطولي في هذه الشخصيات التراجيدية ، وشرطها الأساسي أن تكون ذات خلق رفيع ، قد تقع في الخطأ ، ولكنها تعف عن الخطيئة . وهذا الأب المكلوم (بريام) استطاع أن يدخل إلى وجدان قاتل ولده (أخيل) من باب البطولة ، ومن باب الشفقة ، ومن باب استدعاء الذكريات الخاصة. فيا لها من حوافز عميقة التأثير في وجدان المتلقي .
3- الهيــر :
– اللؤلؤة من كتاب ” الإلياذة ” لهوميروس – ترجمة : عادل النحاس – تحرير ومراجعة: أحمد عتمان – المجلس الأعلى للثقافة – 2004 – ص774 ، 775 .

اترك تعليقاً