قصيدة : يا ليل ! – 9 يناير 2020
الصيد السمين .. من معجم البابطين (11)
المعجم من هذا النوع (الشعر) والمستوى (الموسوعي) لا يصح أن يأخذ مكانه زينة (ثقافية) فوق الأرفف .. إنه حياة شاملة، وخبرة متجددة، تنادي من يتفاعل معها .
* * *
غزل نسوي من مستوى الحرمان:
يا ليل !
غـاب النـديم ، وراح الليـل يحملنـــي علـــــى جنــــاحي هـوى مُرٍّ، فأرقني
حتـى إذا جـدّ بـي شـوقي وعـــذبنــــي ولمنــــــي فيـض آهـات، وفـرقني
سـريت ، لا ظل لي فوق المسار، هنا على هجير اللظى، والشوك والمحنِ
والوجد يعصف في نفسي، كما عصفت ريحُ الصحارى ، برمل ثائر شجـــــنِ
حملت وجدي، وحـرماني بمـلء يـــدي والله يعلـــم مــــا ألقـى مـن الغبـــنِ
والسحب ماجـت على دربي، فلا قمرٌ إلا الذي في خيالي ، شع في وهني
غنيت: يا ليل، يا عيني، على شجنـي لمن أغنـي ؟ لمن أشكوك يا زمنـــي
نامـت جفوني ، وظل الوجد في هُدبي وحـار قلبـــي بيــن الصحو والوسن
وعشـت أزجي الليالي الداجيات أسى وهان عمري على دهري، ولم أهن
علّـي أرى فـي متـاه الغيب لي أملا ضلــت خطاه على دربـــي فلــــم يبِنِ
* * *
شاعر القصيدة :
•نبيهة حداد (اللاذقية – سورية 1929 – 1978) درست الفلسفة في جامعة دمشق، وعملت بالتعليم في اللاذقية .
•هذه القصيدة القصيرة (عشرة أبيات) – من (بحر البسيط)، وقد سجلها” معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين” ، في صيغتها الكاملة، مقرونة بقصائد أخرى تنحو منحى الغناء للطبيعة، من ثم تُعد قصيدة نادرة .
•الغزل النسوي كان ولا يزال غرضاً محاطاً بالتحفظات الاجتماعية والفنية، وإذا كانت أشعار النساء مروية في التراث العربي منذ أقدم عصوره، فإنها – عادة – محصورة في العديد (الرثاء) والشكوى، وتحريض رجال القبيلة ، وربما تطلعت بعض شاعرات الأندلس إلى الغزل (الجرئ) أحيانا، وهو ما لم تجرؤ عليه شاعرات المشرق، حتى مشارف القرن التاسع عشر .
•أحصى ” معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين” شاعرات القرن التاسع عشر، فبلغن (أربعة عشر شاعرة)، غير أن هذا العدد المتواضع تضاعف مرات في القرن العشرين، كما تنوعت أغراض أشعارهن، ومن بينها هذا الغزل الذي يتشوق (في صيغة الشكوى)لوجود الرجل في حياة الشاعرة.
•يمكن أن نتصور – بحق – أن أشعار النسوة العربيات بدأت في العصر الحديث، بمتخرجات مدارس الإرساليات، غير أن هذه الشاعرة (نبيهة بنت محمد رشاد حداد) في سياقها الزمني تحملنا على مراجعة هذه المقولة .
* * *
التوثيق : المعجم – المجلد الحادي والعشرون – ص128 .