قصيدة : ساروا بها في النعش – 26 مارس 2020

قصيدة : ساروا بها في النعش – 26 مارس 2020

الصيد السمين .. من معجم البابطين (33)
المعجم من هذا النوع (الشعر) والمستوى (الموسوعي) لا يصح أن يأخذ مكانه زينة (ثقافية) فوق الأرفف .. إنه حياة شاملة، وخبرة متجددة، تنادي من يتفاعل معها .
* * *
في رثاء جنى !!
ساروا بها في النعش
أشــــم الـــريح مرت فوق قبرٍ .. فألفي الـريحَ قد نفحت عبيـرا
أمــــس تــــرابها والزهر يزهو .. كأن الكــــف قـد لمست حريرا
عليـه للــنـدى قطـــــرٌ تــــلالا .. سقــــاها الله بالقطـر سحورا
أبعد “جنى” سعدت بها زمانا .. بها عيـشـــي يــــرى آنا وفيرا
ولـو أني فطرت بغيــر قلـــبٍ .. أو أن القلب قد وافـى ضمـورا
لما كنت المُعنّى حين ساروا .. بها في النعش يولون الظهورا
* * *
 شاعر القصيدة : أمر الله السطلي (ولد في مدينة حمص (سورية) 1915، وتوفي فيها 1988)
• هذه القطعة كما أوردها” معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين” في ستة أبيات ، أوردناها كاملة، وهي من “بحر الوافر” .
• في تقاليد التراث العربي (الشعري) أن مصطلح “القصيدة” يطلق على السبعة الأبيات فصاعداً ، وما دون ذلك فهو “قطعة” أو “مقطوعة” .
• هذه القطعة في رثاء ابنة الشاعر (جنى)، وهذا الغرض الشعري – رثاء الأبناء- من الموضوعات التي نجد عليها الأمثلة المتعددة التي تستحق أن تكون موضوعاً لدراسة قائمة بذاتها عن : رثاء الأبناء في معجم البابطين لشعراء القرنين .
• والرثاء – بوجه عام – من بين أغراض الشعر – يحمل مستويات من الصدق، ومستويات من الافتعال تحت ضغط المجاملة ، غير أن رثاء الأبناء لا يكون إلا من موقف حرقة العاطفة والحزن العميق .
• سبق أن أشرنا إلى أن مرثية ابن الرومي لابنه الطفل محمد ، هي النموذج الأوفى لرثاء الأبناء . أما القطعة التي نحن بصددها ، فقد جمعت أهم دلائل اللوعة، وحرقة الألم ، ولكن في صورة مبتسرة (إجمالية) كانت تحتاج إلى قدر من البسط لتستوعب أحزان الأب الفاقد لابنته الطفلة .
• ومع استبعاد عنصر الإشباع نجد أنها أخذت صفات الرثاء من عالم الأنوثة وطبائعها، مثل : نفحت عبيرا – الزهر يزهو – الكف قد لمست حريرا – الندى – وتتجلى اللوعة في البيتين الأخيرين، أولهما افتراض المستحيل ، وفي الآخر يتفجر حزن الأب الثاكل في مشهد التشييع ، وقد عجز عن ملاحقة المشيعين ، من ثم احتفظت ذاكرته بصورة ظهورهم وقد تجاوزوه .
* * *
 التوثيق : المعجم – المجلد الرابع – ص 562 .

اترك تعليقاً