قصيدة : الثوب الأزرق – 16 ابريل 2020
الصيد السمين .. من معجم البابطين(39)
المعجم من هذا النوع (الشعر) والمستوى (الموسوعي) لا يصح أن يأخذ مكانه زينة (ثقافية) فوق الأرفف .. إنه حياة شاملة، وخبرة متجددة، تنادي من يتفاعل معها .
* * *
مجمع الألوان في قصيدة غزل..
الثوب الأزرق
فاخـــــري بالـــــذي لبســـتِ السماءَ .. أنت بدر التمـــــام فيهـا تــراءى
كـــــل مــــــا تلبســــين حلـــو جميلٌ .. مستمــد منك السنى والسنـاء
زدت حسنــــاً إن السـمـــــاء وشـــاحٌ .. لك صـــــارت غـــــلالة زرقـــــاء
درة تلبــــــس البحـــــار وجـســـــــم .. بصفـــــاءٍ كالمـــــاء يلبــس مـاءَ
كـــــوكبٌ ثـــــوبه الفضــــــاء وغصن .. قـد تــــردى أوراقـــــه الخضـراء
نسجــــــت ذلـك القميص العيونُ الز .. زرق تكسو الحمـــامة البيضـــاء
تتهــــاديـن عـــــــــــزة وجـــــــــــلالا .. وجمـــــالاً، ومنعــــــة وإبـــــــاء
لك ثغــــر غـــــض علــــى جــــانبيـه .. طـبـــــع الحســــن آيـتيــه رواء
وابتســــام تـــــرقــــرق السحـر فيه .. يبعث الحب والمنـى والـــرجــاء
وعيــــون ســـــود بهــــــا سكب اللـ .. ـه شعاعا يحيي النفوس غــذاء
فالبسي ما يشـاء ذوقـك، وابقــــى .. قـــــرة العـــين بهجـــــة وصفـاء
واسرحي، وامرحي، وتيهي، ودلي .. واسلمي ، واغنمي الحياة هناء
* * *
شاعر القصيدة : خليل شيبوب (ولد في اللاذقية/سورية 1892 – وتوفي في الإسكندرية 1951) وهو أحد رواد الاتجاه الرمزي في الشعر العربي الحديث ، ومع هذا لفت انتباهنا إليه هذه البساطة التلقائية – وكأن العبارات تتوارد بقوة تجاذبها الخاصة دون جهد من الشاعر، حتى تكونت هذه الصورة الغزلية الراقية، إذ برأت من إلحاح الحواس، واحتشدت بالألوان ما بين الأزرق، والأبيض، والأسود، غير أن التوزيع جعل منها كيانا متكاملاً تستجيب له المشاعر .
• القصيدة كما أوردها” معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين” في اثنتي عشرة بيتا ، أوردناها كاملة، وهي من “بحر الخفيف” .
• تهيمن على القصيدة صيغة (الطلب)، فتبدأ بالنداء : فاخري ، وتنتهي بسلسلة من صيغ الطلب التي تتحرك ما بين الرجاء والدعاء : فالبسي ما يشاء ذوقك ، وابقي قرة العين ، ثم يكون البيت الأخير دعاءً خالصاً :
واسرحي، وامرحي، وتيهي، ودلي .. واسلمي ، واغنمي الحياة هناء
وهذا يحدد وجهة الغزل، فيعمق الشعور بنزعته السامية ، ومشاعره الراقية .
•من الواضح أن شهرة أشعار خليل شيبوب بنزعتها الرمزية تصرف النظر عن هذا المنحى التلقائي المألوف ، قريب المعنى حتى في أوصافه ، مع وضوح هذا الاتجاه في شعره على الرغم من وصف المتغزل بها بأنها درةٌ تلبس البحار !!
* * *
التوثيق : المعجم – المجلد السابع – ص 457 .
