قصيدة : وليدة تحتضر !! – 30 ابريل 2020
الصيد السمين .. من معجم البابطين (43)
المعجم من هذا النوع (الشعر) والمستوى (الموسوعي) لا يصح أن يأخذ مكانه زينة (ثقافية) فوق الأرفف .. إنه حياة شاملة، وخبرة متجددة، تنادي من يتفاعل معها .
* * *
دموع من لا يملك غير الدموع ..
وليدة تحتضر !!
أرأيـــت أن أدع الـــديار وأهرعا؟ .. أيـــن المفـرُ، وما أرى لي مفزعا؟
هـــذا الأنيـــــن وقـد تردد خافتاً .. يدعـــو نيــــاط القلـب أن تتقطعـا
لكأننـــي بالمــــوتِ يرجف دانياً .. أفتخـــبرين أبــــــاك عنـه ليدفعـا؟
إني لأعلـــــم أنـــــه متــــربصٌ .. لكــــن علمــــي لا يــــؤخر إصبعا
وأب قصاراه الدموع يسحهـــــا .. بعـــداً لـــــه فالأم أغــــــزر مدمعا
أبنيتــــي، لو تدركين مشاعري .. لكتمــــت مـــا تجدين كيلا أسمعا
إلا إذا كــــان التــــــألم راحــــةً .. لك، فافعلي ما شئت كي نتجرعا
لم تبلغي سـن الكلام وطالمــا .. حولت طرفك بالجواب لمــــن دعا
ولكم شكوت إلى أبيك شكـايةً .. عجماء أفصح من أبيــك وأضيعــا !
………..
لكننا في ريـف مصـر وأهلــــه .. كالنحــــل يــــأكل غيـره ما جمعـا
إنا لفي الريف الجميل وزرعـه .. خبــــز المدينة كي يجوع وتشبعـا
أما الطبيب فلم ينل من أجـره .. ما يشتهـــي فمضى يهرول راجعا
…………
* * *
شاعر القصيدة : علي القرشي (1916 – 1987) ولد في قرية السلطاني ، محافظة بني سويف ، وفيها توفي . عمل معلماً ، ورقي في هذا السلك إلى أن أصبح مديراً ، وله بعض الأغنيات المذاعة .
• القصيدة سجلها” معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين” في 26 بيتا ، من “بحر الكامل” .
• على كثرة ما سجل معجم البابطين من قصائد في رثاء الأبناء (ذكورا وإناثاً) يمكنها أن تغني دراسة فنية ضافية ، فإن هذه القصيدة تنفرد بأنها عن طفلة رضيعة ، كما تنفرد بتحميل الفقر ، أو ضيق ذات اليد ، والتخلف في الريف، مسؤولية تدهور صحة الطفلة ، والعجز عن علاجها.
• في القصيدة مناجاة ولوعة صادقة ، حتى مع حالة الانفلات التي شكلت الأبيات الأخيرة ، بإشارة الأب المكلوم إلى عجزه عن شراء الدواء ، وأن المال في أيدي اللئيم ، يترعرع في حين أنه إذا صحب الكريم يذوي ويضيع . كما يقابل الشاعر بين ما نلتمس المال بحقه ، ومن يلتمسه بالضلال . وهذا حال الموظف (في مصر)
* * *
التوثيق : المعجم – المجلد الثالث عشر – ص 436 .