قصيدة : خذ بالعلوم – 13 أغسطس 2020

قصيدة : خذ بالعلوم – 13 أغسطس 2020

الصيد السمين من معجم البابطين(71)
المعجم من هذا النوع (الشعر) والمستوى (الموسوعي) لا يصح أن يأخذ مكانه زينة (ثقافية) فوق الأرفف .. إنه حياة شاملة، وخبرة متجددة، تنادي من يتفاعل معها .
* * *
اشرب خمور المعاني !!
خذ بالعلوم
خـذ بالعلـوم ولا يشغـــــــلك “آتّــــاء” .. لم يصـف من هو للـ ” أتـــاء” أتاءُ
ولا يغـرنك مـن في النـــــاس بشربه .. فللهـوى ذاك والأهــــواءُ أعــــداءُ
واشرب خمور المعاني من دِنان مفا .. هيم الكلام ففي ذا الشـرب إرواء
لا تحسهـا مثل حسو الطير مكتفيــاً .. به ففـي الحسـو للتنقيص إيمــاءُ
واعكف على شرب أتاء العلوم تفـــز .. ففي تعـاطيـــه إعــــلاءٌ وإنجــــاءُ
فالفقـه ورْقتــه والـــــــذكر سكـــره .. والنحو والشعر إن زيدا هما الماءُ
والفـرع إبـــــريقـــــه والأي قمقمـه .. والكـتب كـاســـاته والفهم إصفاءُ
هـو الأتـاي الــــذي من عهد سيدنا .. محمـدٍ يصطفيـه النــــاس جمعاءُ
لا سُكَرٌ طعمــــه حلــو، ولا عشـب .. في الصين يُجبى ولا نـــارٌ ولا ماءُ
هـذا لعمــــري بــــدعٌ هـاج شبهته .. أهواءُ قوم لهم في اللهـــو إغـواءُ
…………                                                     
* * *
 صاحب هذه المنظومة : الحسن الإمام الجكني (1926 – 1993) قضى حياته في موريتانيا ، درس علومه على يد الفقهاء ، وشهد بواكير التطور المجتمعي في نواكشوط، حيث كان يعيش، وربما أزعجه التعرف على مشروبات لم تكن مألوفة أو متاحة في بيئته.
• القصيدة سجلها ” معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين” في 16 بيتاً . وهي من ” بحر البسيط” .
• “الأتاء” في المنظومة هو : التاي أو الشاي كما عرفته أقاليم موريتانيا، وكما نرى فإن الناظم يعاني ويجهد ذهنه في تصيد القوافي، كما في نظم المعاني، فلا يجد في مخزون خياله إلا مبدأ (رفض البدعة) وتجنب الشبهات ، وبما أن هذا المشروب الصيني الوافد من بلاد الكفار لم يكن معروفاً في عهد النبوة ، فمن الخير تجنبه ، والاكتفاء بدراسة العلوم الإسلامية .
• حاول هذا الفقيه الناظم أن يجهد عبارته في صنع توازن بين (مفردات) الشاي، أو مكونات صناعة الشاي، ومفردات العلوم الإسلامية والعربية التي يشربها، وذلك في الأبيات التي تجعل من الفقه ورق الشاي، ومن الذكر سكراً، ومن النحو والشعر ماءً .. إلخ .
• الأبيات على فقرها الفني تحمل دلالة اجتماعية وثقافية ينبغي تعقب مكوناتها ، ودوافعها ، ومآلاتها ، لنقترب من الوعي بطوابع الحياة الثقافية في موريتانيا .
* * *
 التوثيق : المعجم – المجلد الثالث – ص 747

اترك تعليقاً