قصيدة : بائع النبق – 27 أغسطس 2020
الصيد السمين .. من معجم البابطين (74)
المعجم من هذا النوع (الشعر) والمستوى (الموسوعي) لا يصح أن يأخذ مكانه زينة (ثقافية) فوق الأرفف .. إنه حياة شاملة، وخبرة متجددة، تنادي من يتفاعل معها .
* * *
بساطة الرمز = قوة الرمز ..
بائع النبْق
يا بائع النبْق قد هيجت أشجـــاني .. هذا النداء لمن ؟ قد صم أذانـــــي
يا نبق أسيوط أو يا نبق من بلــدي .. غرس الكرام بني أهلي وأوطاني
علام ترجيعـه ؟ ويحي تعـاودنـــي .. ذكــــرى الأحبــــة تصليني بنيرانِ
فأين أمـي؟ ومالـي لست أنظرها .. كســالف العهـد في دارٍ وأوطاني
وأين تحنـانها الفطـري، بي ظمـــأ .. لنبعـــه العـــذب يروي قلب ظمآن
وأين أفـرغ آلامــــي وقــــد ثقلـت .. مذ أودعـــوها برمس طـي أكفانِ
تلك التـي بـرأت من كل منقصـــة .. إلا الفضـــــائل تــــرعاهــــا بإتقان
…………
لهفي على الدار أمست بعد قاطنها .. ثكلــــى تنـوح علـى أم وولدان
عـــــدا الـــــزمان عليهــــا ثم حولها .. مـن بعــــد شـاهقة عز وبنيـان
إلى خـراب عــــــلاه البوم وانطلقت .. من بين اطلاله صيحـات غربان
…………
فهـل تعـود كما قد كنت أعهــدها .. في سالف الدهر قد عجت بسكان
والقوم من حولها باتت تجمعهـم .. أواصــر الحـــب قد عاشوا كإخـوان
…………
* * *
شاعر القصيدة : بطرس إبراهيم (1901 – 1980- عاش في أسيوط ، وعمل بالقاهرة)
• القصيدة سجلها ” معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين” في 25 بيتاً. وهي من ” بحر البسيط ” .
• تشير ترجمة الشاعر إلى أنه عمل في تفتيش ضبط النيل، قرابة أربعين عاماً، عاشها بعيداً عن أسيوط (مسقط رأسه، ومأوى ذكرياته) ، ومن هنا كان الحنين الذي فجرته نداءات الباعة (الأسايطة) على النبْق ، فاستدعى هذا الرمز البسيط ذكريات البيت ، والأم ، والأهل ، والأحداث ، والأمل في العودة ، والحلم بالالتئام .
• هنا شاعر حقيقي تفجرت عواطفه الأسرية من خلال نداء عابر ، فكانت بنية القصيدة معبرة عن حالة تفاعل ، وتداعيات فيها صدق وبساطة، وتسجيل وأمل ، ووصف، وحلم ، وهذا قدر الشعر ، ومدى استطاعته.
* * *
التوثيق : المعجم – المجلد الخامس – ص 192 .