قصيدة : عبد – 19 أكتوبر 2020
الصيد السمين .. من معجم البابطين (87)
المعجم من هذا النوع (الشعر) والمستوى (الموسوعي) لا يصح أن يأخذ مكانه زينة (ثقافية) فوق الأرفف .. إنه حياة شاملة، وخبرة متجددة، تنادي من يتفاعل معها .
* * *
حتمية العدل ..
عبد
طـــالت ليـــــــالــيه والإذلال يصفعـه .. والقيدُ في معصميـه بات يصرعه
كــــــم جرعوه سموما كي يظل لهم .. عبداً وقالوا: قضـاء لست تدفعه !
كــــم خـــــــدروه بآيٍ مـن شرائعهم .. فهيجـت خطـوة التاريخ أدمعـــه !
وجــــــاءه الفجر بالإشعاع فانتفضت .. فيـه الحيـاة وقـيد الظلم يوجعــه
دوت بــــه صــــرخة للفكــــر جامحة .. صرح الطغاة سيهوي إذ تزعــزعه
ما أنـــــت عـبدٌ ومـا هم سادة عظمُ .. للحـق صـرح متين أنت مبـــــدعه
من ساعــــــــديك بنـاء الظلم مرتفعٌ .. بساعـديك سيلقـى مـا يصـــدعه
فصاح ذا العــــــبد، والبركان صيحته: .. حراً سأغدو، وقيدي سوف أنزعه
إن سامني حاكمي ظلمـاً فلي أملٌ .. والفجر لاح، وهذا الشرق مطلعه
صوتا على الجور والطغيان أرسلــه .. كقاصف الرعد يدوي حين تسمعه
ما عـاد للقـيد حز فـوق معصمـــــه .. ووحـده الوعي يدري كيف يخلعـه
…………..
* * *
شاعر القصيدتين : كامل درويش (ولد في طرابلس – لبنان 1927 ، وتوفي في ولاية كاليفورنيا 1993)
• القصيدة كما سجلها ” معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين” في (15 بيتا) وهي من ” بحر البسيط ” .
• في العنوان رمز، فالعبودية هنا تعني غياب العدل، وتحامل الطبقة العليا على الطبقة الدنيا ، فالعبودية (بمعناها الحرفي) كانت قد ألغيت حيث عاش الشاعر .
• غرس الشاعر بعض الأضواء الجانبية التي تكشف مراده، بأن أشار إلى أن هذا العبد (دوت به صرخة للفكر)، والعبودية لا تستجيب للفكر، كما أنه يعبر عن ظالمه بأنه (حاكم)، وليس سيداً . وأخيراً – من هذه الإضاءات اللغوية الكاشفة عن مسار القصيدة الحقيقي، وهي أنها مطالبة بالعدل، أنه يعلق الأمل على وحدة الوعي (الطبقي)، وهذا دأب الأحرار ، وليس العبيد .
• في إحدى روايات نجيب محفوظ ، صك عبارة تقول : قديماً دافع عن الحرية الأحرار وليس العبيد .
• على أن دراسات اجتماعية اهتمت بسيكولوجية العبد، زمن انتشار الظاهرة، فرأوا أنه يفضل أن يبقى عبداً لأن هذا يرفع عنه عبء المسئولية ، عن نفسه وعن أسرته ، وأن كثيرا من العبيد لم يفارقوا سادتهم بعد حصولهم على صك الحرية ، وقد رأيت هذا في أخرياته، عندما عملت في الكويت .
* * *
التوثيق : المعجم – المجلد الخامس عشر – ص 92