بشائر الإبداع – 8 مايو 2021

بشائر الإبداع – 8 مايو 2021

1- اللؤلؤة : بشائر الإبداع ..
” ربما كانت على ذلك الجنوح المسرف إلى الذاتية، هو أنني ولدت بين صفحات كتب المنفلوطي، وجبران خليل جبران، فقد بكيت مع سيرانو دي برجراك، ومجدولين وأنا في العاشرة من عمري، ولا زلت أذكر هيئتي بجلبابي وخفي، وأنا أثوي في ركن صغير من فضاء مهمل وراء بيتنا بالزقازيق ألتهم من يلقنه سيرانو دي برجراك لغريمه من بديع القول، ويتلوى كل عرق لآلام الشاعر، وجسامة تضحيته ونبالتها. وقد ظل المنفلوطي معبودي حتى تعرفت إلى جبران خليل جبران في الأرواح المتمردة ، والأجنحة المتكسرة، فبكيت مع سلمى كرامة وعاشقها التعس، وحين أقول “بكيت” لا أتحدث بالمجاز، بل أعني أنني أجهشت بالبكاء في وحدتي ، وحملت من همهما ما ناءت به النفس”
2- المحــارة :
– هذه العبارت الكاشفة، التي يصف بها شاعرنا صلاح عبد الصبور تباشير تكوينه الأدبي ، وعلامات الآتي من إبداعه ، تستدعي إلى ذاكرتي مواقف وحالات مشابهة، مررت بها في بداية تعلقي بالأدب [ دون أن أدعي التوازي مع شاعرنا العظيم صلاح عبد الصبور] ، فقد كانت بداياتي “حفظ القرآن” في حين كان أخي الأكبر الذي يكبرني بعامين في المرحلة الثانوية ، وكانت توزع عليهم روايات في موضوع القراءة ، وأذكر أنني كنت أتسلل خفية إلى كتبه ، واقرأ كتاب (المهلهل سيد ربيعة) رواية محمد فريد أبو حديد، وتتبعت بشغف صداقة همام بن مرة والمهلهل ، وكيف تحولت الصداقة إلى عداء مستحكم ، بعد أن قتل جساس كُليباً !! لقد بكيت الصداقة المفتقدة ، وبحر المحبة الرائق الذي انقلب إلى بحر من الدماء ، كما تنازعتني مشاعر متضاربة لمصير المهلهل : ما بين جبروته ، وقسوته على بني عمه الذين قتل أحدهم أخاه ، وضياعه في الأخير ، واضطراره إلى تزويج ابنته لمن لا يوازيها حسباً ، وكفى بذلك عند العربي مذلة !!
– ينبغي أن أعتذر عن هذه الشطحة الذاتية ، ففي جرة العسل بقية ، وإن تكن لذاعة ، غير أن القضية التي عبر عنها عبد الصبور بتلقائية تكاد تكون بمثابة المسبار المبكر الكاشف عن التوجه الفكري/العاطفي/ الإبداعي .
– وقد يلفتنا في هذا الاقتباس أن شعرية الوجدان الشخصي لصلاح عبد الصبور لم يتجه في تلك المرحلة التأسيسية المبكرة إلى (المنظوم) فقد كان غذاء طفولته الفنية في الحكايات ، وليس في دواوين الشعر ، فهل كان في هذا الميل بذور التمرد على قاعدة (الوزن والقافية) في الشعر ؟ هذا استفهام يمكن أن يؤسس عليه (استبيان) يكشف فيه الشعراء عن بدايات زمانهم الإبداعي .
3- الهيــر :
– اللؤلؤة من كتاب :” حياتي في الشعر ” لصلاح عبد الصبور – دار اقرأ اللبنانية – 1981 – ص54 .

اترك تعليقاً