قصيدة : فواجع الأيام .. 8 نوفمبر 2021

قصيدة : فواجع الأيام .. 8 نوفمبر 2021

الصيد السمين .. من معجم البابطين(124)
المعجم من هذا النوع (الشعر) والمستوى (الموسوعي) لا يصح أن يأخذ مكانه زينة (ثقافية) فوق الأرفف .. إنه حياة شاملة، وخبرة متجددة، تنادي من يتفاعل معها .
* * *
هو ابنٌ لأبيه ، قبل أن يكون كاهناً !!
فواجع الأيام
حياة المرء تـــذهب كالمنـــام .. ويُشكـــر أو يُـــــذمُ من الأنامِ
وذاك المـــوت من يثني عليه .. ســـوى يـــده على قتل الكرامِ
فكـــل مــــركَبٍ ينحـــل يــوماً .. وتصــــرعه يد الموت الزؤام
هـــي الــــدنيا تشـــوقنا إليها .. وتخــــدعنـــا بـــآمـــال الدوام
فلا كـــانت بهــا تسطو المنايا .. على الانسان من غير احتشام
………….
وحُمـــى قـــد تفشـت في أبينا .. وحــــلَّ بـه قضاء الموت ظامِ
وقد غــــدرت بــه يده انتقاماً .. ووالـــدنا يجــــل عـــن المَلامِ
لحسن صفــــاته بيـــن البرايا .. وغيـــرته علـــى نشر السلامِ
وطيب الأصل أو كرم السجايا .. أو الإقـــدام في وقت الخصامِ
وليس بمنصفٍ من قال عنــه .. مـــــلاكٌ جاء من فوق الغمامِ
…………
أوالدنا العـــزيز عليــك تجري .. دموع العينِ من غيـر انفصامِ
فلا يحلــــو لنـــا أكــلٌ وشربٌ .. ولا نغـــمٌ ولا طــــيبُ المقـــامِ
ولا يحلـــو لنــــا نوم الحشايا .. ولا أمــــل الحيــاة مع الحِمام
وصار لنا الرِقاد أذى وشوكاً .. ومِلحـــاً فتَّ في عيني غـــلامِ
…………..
* * *
شاعر القصيدة: الراهب اللبناني أغوسطين القرطباوي، تاريخ ميلاده مجهول، وإن ذُكر أنه دخل نظام الرهبانية ، وعمره (14 عاما) ، توفي (1891) .
•القصيدة كما أوردها” معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين” في ( 25 بيتاً ) ، وهي من ( بحر الوافر ) .
•أورد له المعجم قصيدتين : الأولى في رثاء والده، والثانية في رثاء والدته في (30 بيتا)، وفي القصيدتين معاً قدرة على النظم، وتصيد المعاني، وضآلة في طاقة التصور، والتخيل، فضلا عن مبدأ بناء قصيدة الرثاء في مثل حاله .
•تصدر الأبيات الأولى في هذه المنظومة من موقع (الراهب) على الرغم من أنه لم يبدع فيها معنىً جديداً أو مبتكراً ، ولكنه أظهر عبرة الموت ، وأنه الختام الحتمي لكافة الموجودات، وأن الدنيا خُدعة ، وهذه المعاني المألوفة والمستهلكة لا تدل على (شاعر) ، بقدر ما تدل على (واعظ) .
•فإذا بلغ فاجعة موت الأب بكاه، وتحسر على رحيله، وقد غفل – تماماً – عن واجب الراهب (الإيماني)، وأدب رجل الكهنوت وتواضعه، فثارت عواطفه تجاه فقد الأب، وراح يبالغ في وصف الفجيعة ، ويبالغ أكثر في تمجيد أبيه ، حتى جعله فوق منزلة الملاك الهابط من السماء !!
* * *
التوثيق : المعجم – المجلد الثالث – ص610 .

اترك تعليقاً