قصيدة : الشاطئ الخالي – 7 فبراير 2022
الصيد السمين .. من معجم البابطين (132)
المعجم من هذا النوع (الشعر) والمستوى (الموسوعي) لا يصح أن يأخذ مكانه زينة (ثقافية) فوق الأرفف .. إنه حياة شاملة، وخبرة متجددة، تنادي من يتفاعل معها .
* * *
الشوباشي شاعر الشواطئ !!
الشاطئ الخالي
هنا الشـــطُ خــــالٍ لــم يكدر صفاءه .. من النـــاس غـــادٍ ينتحيــه ورائحُ
على الفِطــرة الأولـى بدا لي، فرمله .. نقـــيٌ ومـــوج اليـــمِ جذلان جامح
توهمـــت أن الكــــون فـــي أولياته .. وقـــد لاح لـــي من عهده ذاك لائحُ
ففــــي هــدأتي بيــن المفاوز والرُبا .. بــــدت منه أطيـــافٌ وهبت روائحُ
خلا من شجونٍ يقدح الخلــقُ زندها .. فليـــس بــــه غيـــر الغــزالة قادحُ
وليس سوى موج الخضارةِ صاحبٌ .. وليـــس ســـوى ريح المفازةِ نائحُ
ولم يُفــزع الغـــزلان في البـر عابر .. ولم يفزع الأسماك في البحر سابحُ
هُـــرعت إليـــــه لائـــــذاً بهـــدوئـه .. وقد حل بي خطب من الدهر فــادحُ
تـــراءت حيـــاة زخـرفتها لي المنى .. صفــــاء يغــــاديني ، وهــم يبارحُ
ناشــدت بهــا نسيان قومي ولؤمهم .. فهل نلت ما تصبو إليه الجــوانح ؟
نعمــــت ولكنــــي بـــرمت بنعمتــي .. وشاقتنـــي الأحــــداث وهي نوازح
لئــــن لـــم يعكــر هادي الليل ناعبٌ .. فلم يشجني في هادئ الليـل صادح
…………..
* * *
شاعر القصيدة: محمد مفيد الشوباشي (1899 – 1972) ، شاعر سكندري، عاش في ختام حياته بالقاهرة ، وتنقل في نشاطه العملي ما بين المحاماة والزراعة والثقافة .
• القصيدة كما أوردها” معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين” في ( 16 بيتاً ) ، وهي من ( بحر الطويل ) .
• الكلمة المفتاح في حياة هذا الشاعر ، ترتبط بمولده ونشأته بالإسكندرية، فعنوان ديوانه : “وحي الشاطئ” ، وكتابه الأثير الذي جمع عدداً من قصائده يحمل عنوان: “ديوان الإسكندرية ” .
• في “معجم البابطين” ثلاث قصائد متعاقبة، تجسد علاقته الفكرية والروحية بالبحر: هذه القصيدة بعنوان: “الشاطئ الخالي”، تعقبها قصيدة: “شاطئ البحر”، وفي الختام قصيدة : “الشاطئ المهجور” .
• تجسد قصيدة “الشاطئ الخالي” نزوع الشاعر إلى الفطرة – وهي بما تجسد من بساطة وسكينة وسلام – حلمُ الإنسان ، فضلا عن الشاعر ، حين يحن إلى ماضيه (الأسطوري) ، أو تضيق نفسه بصدمات الواقع المتغير ، الذي يعايشه مجبراً .
• لقد رصد الشاعر هذه المظاهر للحلم الفطري بالشاطئ الخالي، ولكنه ما لبث أن أضاف ، أو أضفى مستوىً آخر من الحنين للنقيض ، وهو : الحياة الواقعية بكل ما تحمل من صدمات وأحلام وأمنيات وحرمان ، وقد أضاف هذا الجانب إلى القصيدة ملمحاً درامياً مهماً ، أخرجها من نطاق الحلم الرومانسي .
* * *
التوثيق : المعجم – المجلد التاسع عشر – ص197 .