قصيدة : حوار المنازل – 15 فبراير 2022
الصيد السمين .. من معجم البابطين (133)
المعجم من هذا النوع (الشعر) والمستوى (الموسوعي) لا يصح أن يأخذ مكانه زينة (ثقافية) فوق الأرفف .. إنه حياة شاملة، وخبرة متجددة، تنادي من يتفاعل معها .
* * *
التراث العربي في جامبيا !!
حوار المنازل
تلــوح لـــي المنــازل بالعَشي .. ” بجازمَ ” مثل ما وشم الهديِّ
فيا عجبـــاً جهلت محل قومي .. لتغييــر الحـــوادث كـــالحبــــيِّ
سألت الدور أين الأهل؟ قالت .. غــــدا كــــلٌ إلـــى خبــر جلـــيِّ
ترحل بعضهم والبعض منهـم .. رمـــاه المــوت سهماً عن قسيِّ
فقلت لها : كـــذلك حـــال دنيا .. عجـــيب للبيــــــبِ وللــــذكــــي
ولم تحســن أخــي إلا أساءت .. بــــذلك ليــــس مـــن أمر خفي
وتسلـــب كلمــا أعطتـك خيراً .. وتبـــدل حـــالَ سُخــطٍ من ردِي
وتعلــي خــافضا وتُـــذل قهراً .. عـــزيزاً كــــم ذليــلٍ مــن علي
لــذلك كــن على حذر وخوفٍ .. أخـــي إن كـــنت فـي حالٍ رخي
ولا تعجبــك فيهـــا مــا تـراها .. مـــن الأحـــوال، من أحـد غني
لأنـــك كــم رأيــت عنـي قـومٍ .. فقيـــراً، كـــم تسَفَــن من سريّ
وكــم بلــد ، وكــم قصرٍ وبئر .. معطلــــــة، وكـــــم بيـتٍ خلــي
* * *
شاعر القصيدة: محمد كيمورين (1908 – 1975) ولد في قرية جاروكتا (جامبيا) وفيها توفي . وهو من كبار شيوخ الطريقة القادرية الصوفية ، كما وصفه المعجم . وذكر أنه قصد الحجاز حاجاً ، كما ذكر أن له ديوان شعر مخطوطاً ، فليت بعض مؤسساتنا الثقافية تبادر (بإنقاذ) هذا الديوان المؤسس تاريخياً قبل فقدانه .
• القصيدة كما أوردها” معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين” كاملة في ( 12 بيتاً ) ، وهي من ( بحر الوافر ) .
• الأثر التراثي في القصيدة واضح ، ويجمع بين بعض صور شعراء العصر الجاهلي، وما وصفوا به الأطلال ، فمعلقة طرفة بن العبد حاضرة في مطلعها بخاصة :
لِخَولة َ أطْلالٌ بِبُرقَة ِ ثَهمَدِ، .. تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليدِ
وهو بذاته مطلع هذه الحوارية بين المنازل .
• أما تحول الدار وغياب الأهل بالترَحل، وبالموت، وبالتغير الزمني، فهذا من الأمور التي تداولها الشعراء العشاق ، والشعراء المتصوفة ، بل نزعم أنه من المعاني المتداولة في الشعر العربي ، الذي يتمتع بحساسية شديدة تجاه حركة الزمن، وما تمارس من سطوة على النفوس ، وعلى المصائر .
• وكما هو شأن المتصوفة عموماً، في أشعارهم بخاصة : فإنهم يحذرون دائما من الاطمئنان للزمن؛ أي للسائد وللراهن من الأفعال، والأحداث، والصور، والحال الحاضرة عموماً ، مع غلبة شعور بالانضواء والانطواء ، وتوقع الخسارة ، وإعلان الرغبة في الانسحاب من التفاعل إلى العزلة ..
* * *
التوثيق : المعجم – المجلد التاسع عشر – ص13 .