اللؤلؤة السوداء – 12 مارس 2022
1- اللؤلؤة “السوداء ” !!
” أما عن أدوات التعذيب؛ فحدث ولا حرج ، فقد تفننت محاكم التفتيش في تعذيب المتهمين وإرهابهم ، ولعل من أبشع ممارسات التعذيب، حين يُربَط المتهم إلى الأرض، ثم يوضع صحن كبير مقلوب فوق بطنه، وتحته بضعة فئران، وتسلط النار تدريجياً على الصحن، فتحترق بطن المتهم، وتحاول الفئران الاحتماء، فلا تجد غير بطن الضحية، تبقر فيه حتى الموت.. بل إن الموتى أنفسهم لم يسلموا من بطشهم ، فإذا دفن أحد الموتى، واكتُشف أن المتوفى كان من المخالفين في حياته ، كان يؤمر بنبش قبره وغخراج جثته، ثم تحرق في الاحتفالات مع الضحايا الآخرين ” !!
2- المحــارة :
-هذا الوصف الدموي المحِط بكل معاني الإنسانية ، لا يصدر إلا عن وحشية دموية حقيرة ، حتى وإن قام به وأشرف عليه كبار كهنة الكنيسة الكاثوليكية الإسبانية في القرن الخامس عشر الميلادي .
-لقد مارسوا الخيار الإجرامي بين ثلاثة أمور: الموت، التنصير القسري، التهجير خارج البلاد ، ولعل الخيار الأول أقربها وأشرفها ، ولكن هناك ضرورات وعقبات يصعب أن نتصورها الآن ، كانت تعترض رغبة الهجرة ، كما أن الرجوع عن الدين اختيار مرفوض ، وإن أمكن التحايل عليه .
-مع هذا فقد طاردت “محاكم التفتيش” الإسبانية ، الذين اعتنقوا المسيحية في حياتهم اليومية ، وفي ملابسهم وطعامهم ، وعملهم ، بحيث لا يُتاح لأي منهم بصيص أمل في الاحتفاظ بعقيدته الإسلامية سراً ، لا في طعامه ، ولا في ثيابه ، ولا في غرف بيته ، وسلوكياته اليومية .
-” اعتبر الإسبان أن هذا التعميد والتنصير الإكراهي ملزِم ، ويستحق مخالفه العقاب بالموت، فرصدت “محاكم التفتيش” من يراقب المورسكيين مراقبة دقيقة، فنظروا إلى إراداتهم وثكناتهم، وراقبوا جلواتهم، وتجسسوا على خلواتهم، واستنتجوا من أفعالهم الظاهرة ما تُكن به الخواطر الباطنة ” .
-فهذه “ماريا دي منتورو” تعترف أمام القاضي بأنها قامت بالوضوء، وأداء فريضة الصلاة، وقرأت فيها الفاتحة، وسورة الإخلاص، وأفادت مسلمة أخرى تُدعى “بياتريس تاهونيا” أنها سئلت في الشارع ما إذا كانت هي وصديقاتها لسن نصرانيات معمدات ؟ فأجابت : بأنهن قد تلقين التعميد عندما كن صغيرات ، ولكن لم يهتممن بذلك، بل إنهن لا يتذكرنه !!
-لقد وصف بعض السياسيين الأوروبيين “محاكم التفتيش” التي تعقبت المسلمين في الأندلس/إسبانيا ، بأنها أفظع عمل (بربري) ذكره تاريخ القرون !! وإذا كنا نسلِم بأن بقاء الحال من المحال ، وأن التغيير والتبديل إحدى ملامح الحياة الإنسانية ؛ فإننا لا يمكن أن نسلم بأن هذا المستوى من الوحشية الدموية الخسيسة، التي أشرف عليها (قسس وكهان) في مستويات ثقافية دينية عالية ، يمكن أن تكون موضع غفران أو نسيان .. لا قوة إلا بالله ..
3- الهيــر :
– اللؤلؤة من كتاب : “محاكم التفتيش” – تأليف الدكتور علي مظهر – طبعة دار إشراقة – 2021 – ص 19 .