حوار المظهر .. والجوهر !! – 26 مارس 2022
1- اللؤلؤة : حوار المظهر .. والجوهر !!
” تَرى الرَجُلَ النَحيفَ فَتَزدَريهِ .. وَفـــي أَثـــوابِهِ أَسَـدٌ مُزيرُ
وَيُعجِبُـــكَ الطَــــريـرُ فَتَبتَليــهِ .. فَيُخلِفُ ظّنَّكَ الرَجُلُ الطَريرُ
فَمـــا عِظَــمُ الرِجالِ لَهُم بِفَخرٍ .. وَلَكِــن فَخــرُهُم كَرَمٌ وَخَيرُ”
2- المحــارة :
-هذه الأبيات الثلاثة تتصدر قصيدة قصيرة (10 أبيات) تنسبها المصادر إلى الصحابي المخضرم “العباس بن مرداس” ، كما تنسبها مصادر أخرى للشاعر العاشق “كُثير عزة” ، بل تذكر أنه قالها حين لقى الخليفة عبدا لملك بن مروان ، فاستهان به . وليس ما يمنع أن يكون كُثير عزة قد تمثل بها، فاختلط الأمر على الرواة .
– الأبيات في (اللؤلؤة) تحرض على إعادة النظر في قضية (الشخصية)، وهل نحكم بما تبدو عليه، أم بما تبديه من خصال ، وتنتصر للجوهر، بما يترتب عليه من ضرورة التوقف عن إصدار الحكم حتى تعبر الشخصية عن نفسها بالفكر، والسلوك، والوعي، وليس بمجرد الفراهة، وجمال المنظر .
– والأبيات تصدم المقولة السائرة : ” العقل السليم في الجسم السليم” !! فكم رأينا من عباقرة مقعدين، ومرضى، ومكفوفين، ومفلوجين .. إلخ ، بما يشكك في جدوى النوادي الرياضية التي أشاعت بين جماهيرنا الفرقة والتعصب الغبي !!
– ومن أطرف ما قرأت في هذا السياق، وإعمالاً – جانبياً، أو هامشياً- لهذا المعنى في قياس الشخصية، ما جاء في رواية “زنوج وبدو وفلاحون” للأديب الروائي الأردني “غالب هلسا” – رحمه الله – وهي من أبدع ما قرأت في وصف طبائع الزنجي ، والفلاح، والبدوي . وفي هذه الرواية كان البدوي (السفروت) يتحكم في الفلاح (الضخم) ، ومن أغرب ما وصف به رأي الفلاح في جسمه المترامي مع ضعف عزيمته ، أنه كان ينظر إلى هذه الفراهة المتحققة فيه ، وكأنها زائدة عن الحاجة (مالهاش لازمة) .
– يبدو لي أن جوهر الشخصية الإنسانية، يتجلى في ميراثها المودع في داخلها في الآباء، والأجداد، والجو الاجتماعي الذي يشكل النشأة، ويؤكد على الطبائع الموروثة ، ثم الممارسة العملية .
– من هنا أستدعي – من الذاكرة – بيتاً من صنع الشاعر الفارس محمود سامي البارودي ، وفيه يقول :
خلقت عيوفاً لا أرى لابن حرةٍ .. لديّ يداً أغضي لها حين يغضبُ
ونعم الرجل .. ونعم خليقة الأحرار !!
3- الهيــر :
– اللؤلؤة من تداعيات الذاكرة ..