رؤية في السياسة .. وقراءة في المصائر !! – 9 يناير 2024
صفحة من التراث ..
رؤية في السياسة .. وقراءة في المصائر !!
” مما يؤثر من حكيم الأخبار، وبارع الآداب، ما حُدثنا به عن “عبد الرحمن بن عوف”، وهو أنه قال : دخلت يوماً على أبي بكر الصديق، رحمة الله عليه، في علته التي مات فيها.
فقلت له : أراك بارئاً يا خليفة رسول الله .
فقال : أما إني على ذلك لشديد الوجع، ولما لقيت منكم يا معشر المهاجرين أشد عليَّ من وجعي . إني وليت أموركم خيرَكم في نفسي، فكلكم ورم أنفه أن يكون له الأمر من دونه . والله لتتخذن نضائد الديباج، وستور الحرير، ولتألمن النوم على الصوف الأذربي كما يألم أحدكم النوم على حسك السعدان، والذي نفسي بيده لأن يُقدم أحدكم فتُضرب عنقه في غير حد ، خير له من أن يخوض غمرات الدنيا !! يا هادي الطريق جُرت، إنما هو والله الفجر، أو البجر .
فقلت : خفض عليك يا خليفة رسول الله ، فإن هذا يهيضك إلى ما بك ، فوالله ما زلت صالحاً مصلحاً، لا تأس على شيء فاتك من أمر الدنيا، ولقد تخليت بالأمر وحدك، فما رأيت إلا خيراً ..
[ المصدر : كتاب الكامل في اللغة والأدب – للمبرد – المتوفى سنة 285 هـ ]
تعقيب موجز جداً :
1- هذا المشهد يصور قلق القيادات المهاجرة من اختيار “أبي بكر” لـ”عمر” في الخلافة .
2- قراءة مستقبلية شخصية من “أبو بكر” في امتداد الفتوح (الإسلامية) إلى أذربيجان، وما يترتب على ذلك من تراجع أخلاقيات البداوة، وهيمنة الترف !!