بين المطلق .. والنسبي ؟! – 9 يونيو 2024

بين المطلق .. والنسبي ؟! – 9 يونيو 2024

بين المطلق .. والنسبي ؟!
تداعبني ذكرى قديمة، فتصنفها الذاكرة في مواقع مختلفة .. إن لم تكن متناقضة!! فقد كنت – أوائل خمسينيات القرن الماضي – أقارب العشرين من العمر [الآن في التسعين] ولأننا – في القرية – من أقارب وأصهار عمدة البلد [ الشيخ أحمد الضيف – رحمه الله ] فقد كنت أشتغل في العطلة الصيفية (ملاحظ) في فرق مقاومة دودة القطن . كان موسم هذا العمل يستمر نحو أربعين يوماً، وينتهي إلى مكافأة تقارب الجنيهات الثمانية، وهو مبلغ له قدره في ذلك الحين، ولا يفوز به إلا من يقترب من رجال الإدارة !
كنت “ملاحظ” إذن : شغلتي أن أراقب أربع فرق تعمل في مجال جمع لطع دودة القطن وحرقها، وطبيعي أن هناك مفتش يمر – ربما كل يوم – وهو عادة متخرج في كلية الزراعة . حدث ذات مرة أن عبر المفتش راكباً في سيارة أجرة قادمة من السنبلاوين . فوجئت به واقفاً تحت (التوتة) تقدمت إليه ليوقع على الدفتر ، لكنه رأى في يدي كتاب “عبقرية خالد” – طبعة دار الهلال، وكان قد ظهر حديثاً وفرحت به كثيراً – فسحب الكتاب من يدي، وألقاه أرضاً ، معبراً عن رفضه الاشتغال بغير ما يجب أن أقوم به !!
تضايقت جداً ، واعتبرت المفتش الزراعي عدو للثقافة ، وشخصاً جاهلاً لا يستحق الاحترام !! أتذكر هذا الآن فأشعر بنقيض ذلك ، من ثم أستعيد صورة وجهه (الأحمر) بفعل الحرارة، تحت البرنيطة المستديرة مثل قرص الرحى، فأشفق عليه وأتعاطف مع موقفه ، وأعتذر إلى “خالد بن الوليد” وعبقريته !!

اترك تعليقاً