علي الجندي !! – 24 سبتمبر 2024
علي الجندي !!
عرفت “دار العلوم” – المنيرة – على زماني (!!) أستاذين بذات الاسم مع فارق اصطنعناه – نحن الطلبة – لنميز أحدهما عن الآخر :
علي الجندي (الشاعر) !! – وعلي الجندي (مؤلف شعر الحرب) !!
كان علي الجندي (الشاعر) إنساناً سمحاً بسيطاً، وأخشى أن أقول (هليهلي) بما يحمل هذا التعبير الشعبي من بساطة مسرفة !! كان وكيل الكلية، يقوم بعمل العميد، يمارس العمارة من مكتب الوكيل . والمهم أنه – بالنسبة إلينا، طلاب الفرقة الثانية – أستاذ البلاغة !! وطوال الفصل الدراسي لم يفتح كتاباً، ولم يعرض لأي موضوع (منهجي) له علاقة بمقرر البلاغة، ولكنه أسمعنا من بلاغته هو، وبيانه وعذوبة شعره وطرائف حكاياته وشطحاته ما يجعلنا ننسى “المقرر وسنينه” !!
في تلك الحقبة، زمن الوحدة مع سوريا، زار دمشق لمدة خمسة أيام، وضع عنها كتاباً كاملاً (خمسة أيام في دمشق الفيحاء)، وحكى في الكتاب – كيف وقع في عشق الشاعرة السورية “طلعت الرفاعي” ذات المعطف الأحمر الذي أذاقه الموت الأحمر !!
من أطرف شطحاته – وهو ذو نزعة صوفية يهيم بآل البيت – قال في المحاضرة : احنا عرب وأشراف ولا نصاهر الفلاحين !! لم يعقب أحد، غير أنني لاحقته إلى غرفته . انتظرت حتى استراح، ثم استأذنت في الدخول، وقلت له : يا أستاذنا : كيف غاب عنك أنك تحاضر في مدح به ثلاثمائة كلهم من أولاد الفلاحين !! رمقني لحظة، ثم وقف مصافحاً لي، وقال : هذه حقيقة، وأنت على صواب .
في المحاضرة التالية ، اعتذر بعبارات صريحة وبسيطة : أنه لم يقصد التعالي .. إلخ .
رحم الله “علي الجندي” (الشاعر) ونذّر ذكراه العطرة، وإنسانيته، وجزاه خيراً على شعره (ودموعه) وخفقات قلبه في حب آل البيت .. آمين .