أمومة..!! 1 يونيو 2025
أمومة..!!
حول بدايات المراهقة، في سنّ الثالثة عشرة، أو على مشارفها، وصيف القرية نار، ولا ملاذ لنا غير المسجد بنوافذه العالية المشرعة. ننسدح على بطوننا متحلقين لنبدأ الثرثرة. تسلل إلى دائرتنا رجل أول ما يلفت فيه شاربه الدقيق، وقوامه النحيل، حتى تسمع حكيه الهادئ، يوشك أن يكون همساً لا نألفه في حديث الرجال !!
في دائرتنا (المنسدحة) على حُصُر المسجد الطرية استرسل يحدثنا بصوته المبحوح عن زمن خدمته في الجيش، وكيف كان يتحايل – مع أقران له – لمغادرة “الموقع” والتسرب إلى المدينة والتجول فيها !!
أعجبنا جداً بحكاياته ومغامراته وأساليب تحايله، حتى أنني حين عدت إلى ( الدار) حكيت لأمي كل ما سمعته، فأنصتت إلىّ حتى انتهيت. وحين عرفت اسم الشخص. قالت بحزم : إياك أن يتكرر ما جرى، إنه “رجل” غير طبيعي، ولا يصح الاستماع إليه أو الاقتراب منه!!
أخذت التحذير مأخذ الجد، وبعد مرحلة زمنية لم تكن طويلة، عرفت معنى كلمة “شاذ” وخطر الاقتراب من الشواذ، مهما كان اتجاه شذوذهم.
ولكن الذي لم أعرفه إلى اليوم : كيف عرفت أمي ذلك. وهى لا تكاد تغادر بيتها إلاّ في المناسبات العزيزة جداً ؟!