راسكو لينكوف..!! 14 يونيو 2025
راسكو لينكوف..!!
الاسم الأقرب إلى ذاكرة قراءاتي ومشاعري، بطل رواية “الجريمة والعقاب” رائعة الروائي الروسي الأشهر “ديستيوفسكي”. قرأت روايته الفريدة في صدر قراءاتي الشبابية. وأعجبت بشخصية الشاب الجامعي (راسكو) رغم التحفظ على اقدامه على قتل المرابية العجوز، حتى وإن كان مهدداً بالطرد من الجامعة، وأعجبت به (عاطفياً) لأنه حافظ على نقاء عواطفه حتى بعد الحكم بنفيه إلى “سيبيريا”. وزاد وعيي بمغزى بنائه الفكري بعد أن استمعت إلى المستشرق “جب” – وقد وفد على جامعة الكويت استاذاً زائراً ، حين كنت مدرساً للنقد بها، فأعاد فعلة الشاب المفلس قاتل العجوز المرابية إلى النموذج الأصلي (نابوليون) الذي قتل الملايين دون أن يدعى قاتلاً، فقد ظل يتمتع بصفة البطل التاريخي الذي غير التاريخ العالمي. وهنا لم يفطن “راسكو” إلى الفروق، والغايات، والنتائج المحتملة..
لقد أشفقت على الشاب الروسي (القاتل) لأنه عاش تجربة حب راقية. ولأنه تقبل ما نزل به من عقاب دون سُخط أو حماقة، ولأن هدفه السامي ظل كما هو : يحلم باليوم الذي يعتق فيه الحب ملايين الروس من حياة السخرة وغياب العدل.
لقد أطلق بعض النقاد الروس على “ديستيوفسكي” وصف “عبقرينا الشرير”..
ولست أوافقهم في إطلاق هذا الوصف، إن الكشف عن عوامل الشر أو دوافعه في النفس، وفي المجتمع، لهو أشبه باللهب الذي ينقي سبيكة الذهب من الشوائب، ليعيد إليها جوهرها الصافي..
هذا “ديستيوفسكي” كما اراه عبر قراءاتي المبكرة.
