العنـــــوان : كليوباترا في الأدب والتاريخ – 19 يونيو 2017
بطاقة الكتاب الثامن
العنـــــــــــوان : كليوباترا في الأدب والتاريخ
النشـــــــــــــر : 1971 – الهيئة المصرية العامة للكتاب – سلسلة المكتبة الثقافية – رقم 267.
عدد الصفحات : 151 / قطع صغير
حول التجربة
صدر هذا الكتيب في يوليو 1971 ، أي بعد مناقشة الدكتوراه بعام ونصف العام ، بما يعني أنني لم أتوقف عن العمل العلمي بمجرد الحصول على اللقب ، بل على العكس : تضاعف نشاطي ، ومع أن هذا الكتاب صغير الحجم ، فقد طُبع ثلاث مرات متقاربة نسبيا ، وحين أرسلت نسخته الخطية إلى الدكتور شكري عياد (المسئول عن السلسلة) دون سابق معرفة ، أو انتماء معهدي ، فإنه نشرها على الفور ، وحين لقيته – لأول مرة – في عطلة الصيف التالية ، قال لي : إن دراستك محترمة علميا ، ورفعت من شأن السلسلة ، أنت لا تعرف سطحية وهزال ما يصل إلينا من مؤلفي هذه الأيام !!
كان لهذه التحية من قامة مقدرة أثر عميقٌ في نفسي ، ولا أقول إنه كان حافزا على الاستمرار في العمل العلمي دون توقف ، فأنا للآن – والحمد لله – لم أتوقف ، وليس باستطاعتي أن أتوقف . ولكن يمكنني أن أضيف “الملابسات” التي دفعت (درعمي تقليدي) على الاتجاه نحو موضوع هذه الملكة البطلمية ، التي يمكن أن تلصق بها كارثة فقدان الاستقلال المصري عن الإمبراطورية الرومانية . من الواضح أن جو نكسة 1967 كان لا يزال مهيمنا ، يضاعفه الشعور بغربة الابتعاد عن الوطن ، إذ كنت مقيما بالكويت ، وحين نزلت إلى القاهرة لمناقشة أطروحة الدكتوراه (يناير1970) كان زجاج نوافذ آداب عين شمس ملطخا باللون الأزرق ، تفاديا لغارات محتملة ، وكانت عبارات التهكم على مصر والمصريين تطاردنا نحن العاملين في الخارج من الجنسيات العربية الأخرى العائشة في الكويت ، وقد تحمل النظرات درجات من الإشفاق والسخرية أقسى من التهكم ، من ثم يمكن النظر إلى موضوع هذا البحث الموجز الذي تعقب ما كُتب حول كليوباترا من الشعر والمسرح والقصة ، على أنه نوع من الاعتصام بالتاريخ ، وإبراز خصوصية مصر وعظمتها التي قد تتراجع حينا ، ولكن لتثب من جديد ، وهذا أمر لا يمكن تجنبه في أوطان يمتد تاريخها إلى آلاف السنين ، ولهذا صدّرت صفحة الإهداء بثلاثة أبيات لشوقي (أمير الشعراء) ، من إحدى أندلسياته الفريدة ، إذ يقول عن مصر :
نحن اليواقيت ، خاض النار جوهرنا .. ولـــــم يهــــن بيد التشتيت غالينا
ولا يحـــول لنا صِبـــــغٌ ولا خلـــــقٌ .. إذا تلــــــون كالحــــــرباء شـــانينا
لم تنزل الشمس ميــزانا ولا صعدت .. في مُلكها الضخم عرشا مثل وادينا
هذه الأبيات الفريدة في روعتها ، لا تزال مستقرة في وجداني إلى اليوم ، وإلى أن ألقى الله . أما تفاصيل الدراسة ، فإنها كانت حريصة على استيعاب التجربة واستكمال مفردات الموضوع (بمعنى التعريف بكل أو بأهم ما كتب عن كليوباترا شعرا ونثرا) أكثر من الحرص على دقة المصطلح النقدي وصرامته .
من الطبيعي أن أحب هذا الكتاب ، ولا يغيب محتواه عن ذاكرتي ، كما أن ملابساته لا تزال تشف بها نفسي ، فأتذكر زجاج نوافذ آداب عين شمس المدهونة بالأزرق ، وأنا بين يدي لجنة المناقشة ، ذات ليلة من يناير 1970.
يا له من زمن !!