الخلعاء الجدد – 8 أكتوبر 2016

الخلعاء الجدد – 8 أكتوبر 2016

الخلعاء الجدد
في معجم ” لسان العرب ” – مادة ( خ ل ع ) تتداخل ، بل تتناقض معاني الكلمة ، بما يشعر بمساحة الاضطراب والفوضى في دلالة هذا اللفظ ، غير أن المتداول منها في زماننا يميل إلى المعاني السلبية ، فالخليع من الناس من ترك الحياء وركب هواه ، ولا زاجر له يحول بينه وبين التعدي أو الإزراء بالآخرين ، وقد عرف زمن القبائل – في الجاهلية والإسلام – من يطلق عليهم ” الخلعاء ” ويقصد من هذا اللفظ : الشخص الذي تمرد على آداب السلوك القبلي ( الاجتماعي ) وفي مقدمتها الإلتزام بقيم جماعته ، واحترام رءوسها وأصحاب الرأي فيها ، فلا يشق عصى الطاعة ،ولا يخرج على الجماعة ، ولا يناقض الرأي العام المتفق عليه ، إلا بوسائل المعارضة أو المناقضة المتفق عليها . وكانت القبيلة في ذلك الزمن إذا خلعت واحداً من أبنائها فمعنى هذا أنها تتبرأ منه ، فلم تعد مطالبة بحمايته إذا ما تعرض لعدوان ، وليس لها الحق بأن تطالب بدمه إذا ما أهدرته جهة غريبة ، وبالمثل يسقط حق الكفالة له كاملا ، فليس لقبيلة أن تطالب قبيلة الخليع بتعويض نتيجة ما ألحق بها هذا الخليع من ضرر !!
هذا هو الخليع القديم ( التاريخي ) ، ومن المؤسف أننا في هذا الزمان نواجه ( خلعاء ) ينتمون إلى هذا الوطن ، ولا يقيمون له حقاً ، ولا يحفظون له كرامة بإدعاء المعارضة السياسية ، أو المجتمعية .
الخلعاء المصريون الجدد – مع الأسف – يستبيحون لأنفسهم إهانة وطنهم ، بل تشجيع غيرهم من الأغيار على الانتقاص من شخصية الوطن ، وكرامة أهله ، وهذا أمر غير معهود ، حتى لدى خلعاء القبيلة القدماء ، كان أحدهم بدوافع العشق أو الشطارة والفتك ينطلق بين القبائل البعيدة ليمارس نشاطه المدان والمرفوض بمنطق المجتمع القبلي وآدابه ، وما يحتمه وجوده من ضرورة التماسك والتكامل بين الأفراد والمحاور التي كانت تسمى ( البطون ) وما إلى ذلك من أسماء .
أما الخلعاء الجدد المنتشرون خارج أرض مصر سواءٌ في الأقطار العربية ، أو في أقصى الغرب فإنهم لا يقيمون وزنا لملايين البشر الذين ارتضوا حمل أمانة الوطن والصبر على محنته ، والأمل – الذي لم يتخل أبداً عن مصر – في أن تستعيد قدراتها التاريخية ، وحضورها المميز عبر العصور .
أيها الخلعاء الجدد : رفقا بالوطن ، رفقا بأهاليكم ، رفقا بنا ، رفقا بمعاني الكرامة الشخصية ، فلا يغيب عنك أنك حين تنتقص كرامة أهلك ، وأمجاد وطنك ، تنتقص نفسك ، بل تنتقص نسلك في الأزمنة الآتية ، وأنت لا تدري .
فمتى تدري ؟!

اترك تعليقاً