مرثية الزمن الجميل !! – 6 مايو 2023
هامش (97):
مرثية الزمن الجميل !!
1- ليس مصادفة أن اعتمدت الرؤية المأساوية على عنصر “الزمن” الذي يلجّ في التوغل دون اعتداد بمشاعر البشر وتجاربهم، منذ أقدم عصور الشعر العربي، تحسر “امرؤ القيس” على زمانه الفائت:
كأني لـــم أركــب جواداً للــــذةٍ .. ولم أتبطن كاعباً ذات خلخالِ
ولم أسبأ الزق الروي ولم أقل .. لخيلي كُري كَـرة بعد إجفــالِ
2- وإذا يفوز “امرؤ القيس” بالسبق الزمني، ينال الشاعر الإسلامي “مالك بن الريب” حق الأصالة، وتأسيس الظاهرة بقصيدته التي نعى فيها عمره؛ إذ أحس دبيب الموت وهو عائد – على الطريق – من بلاد ما وراء النهر، إلى وطنه (نجد)، فاصطحب رمز (الغضى) يتشوق به إلى الحياة في مسقط رأسه :
فليت الغضى لم يقطع الركب دونه .. وليت الغضى ماشى الركاب لياليا
3- وينعى “متمم بن نويرة” أخاه (مالكاً) في مرثية تعد من أصول هذا الفن، وفيها يلمس معنىً دقيقاً إلى حد الرهافة الموغلة في الصدق :
فلما تَفَرّقنا كأني ومالكاً .. لطول اجتماعِ لم نَبت ليلةٌ معا
4- ومن بعده يتذكر “عمرو بن الحارث بن مضاض” زمان شبابه في ربوع مكة، وكيف تغير به الزمان :
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا .. أنيس ولم يسمـــر بمكة سامر
5- إلى أن يبكي “لسان الدين بن الخطيب” زمانه في وطنه السليب :
جادك الغيث إذا الغيث همــى .. يا زمـــان الــوصــــــل بالأندلس
لم يكـــن وصــلك إلا حُلمـــــــاً .. في الكرى أو خلسة المختلسِ
…
وتبقى حركة الزمان تلجّ في اندفاعها الرتيب، كما يبقى الإنسان في موقف التأمل !!