إنّي شكرت لظالمي .. ظلمي !! 21 سبتمبر 2025
إنّي شكرت لظالمي .. ظلمي !!
إني شكرت لظالمي ظلمي وغفرت ذاك له على علــــــــــمـ
ورأيتـه أسدى إليَّ يــــــــــــداً لـمــا أبـــان بجهله حلمـــــــــــي
رجعـت إساءته عليــــــه وإِح سـاني فعاد مضاعف الجــــــرم
وغـدوت ذا أجر ومحمــــدة وغـدا بكسب الظلم والإثـــــــــم
فكأنما الإحســان كان لـــــه وأنـا المسيء إليه في الحكـــــم
مــازال يظلـمني وأرحمــــه حتـى بكــيت لــه مــن الظلـــــم
استقر مطلع هذه الأبيات الطريفة في ذاكراتي، ربما منذ بواكير الشباب، واستقر في وعيى أنها من شعر “أبى نواس”، إلى أن صححت المصادر الحديثة هذا التحريف القديم. فهي من شعر معاصره “محمود الوراق” ويبدو أن ذاكرة الشباب استمدت الأبيات وأضمرت الإعجاب بها، ليس من ديوان الشاعر، وإنما من ذكرها في سياق مؤلف حديث نسبها للنواسي. وللمعنى (الأخلاقي) الذي يستوعب (جوهر) الفكرة أصل في الحديث النبوي الشريف، ودون أن اتعرض لتحريف محتمل أكتفي بالإشارة إلى المعنى، وخلاصته : أن من يغمز أو يلمز شخصاً فإن هذا الغمز واللمز يضاف إلى ممارساته السيئة، كما يسقط عن الآخر (المعتدي عليه) بعض هفواته أو أخطائه، وفي هذا (الوعيد) المضاعف تحذير وإغراء لمن تحدثهم أنفسهم بالغمز واللمز للأغيار ..
في الأبيات ملمح عن خصوصية اتجاه الشاعر (الذي اعتقدت لزمن طويل أنه النواسي) ومهما يكن من أمر هذا التحريف فإن الأبيات تظل – في منحاها العام – دليلاً على نزعة خلقية، وقيمة دينية، تغرى بفضل السماحة والتسامح..