البحر واحد !! – 17 نوفمبر 2025
البحر واحد !!
أعترف – والاعتراف سيّد الأدلة – بأنني لا أملك قدرات أستاذنا الدكتور “محمود الربيعي” حين كتب مستمداً ذكرياته وفتح جانباً من خزائن معارفه الضافية، فأصدر عن حياته وممارساته كتابين حول الخمسين، ثم التسعين – بارك الله في عمره وفي عطائه – وقد يكون لديّ “تعويض” يملأ فراغ زماني، لم يتيسر – ربما – لغيري ، فقد كنت على صلة (شخصية/مباشرة) بأدباء لهم حضور وتأثير لا ينكَر في حياتنا الفكرية والفنية، في صدارتهم: “توفيق الحكيم” و “نجيب محفوظ”، وبخاصة في أعوامه المواكبة لجائزة (نوبل) وما بعدها، و”محمد عبد الحليم عبدالله” الذي راسلته مبكراً من المنصورة قبل أن ألتقي به في مجمع اللغة العربية، أو في بيته (4 شارع الروضة، المواجه لسينما فاتن حمامة) و”صالح جودت” الذي رشحني أن أكون عضواً في وفد الأدباء برياسة الدكتور “مهدي علام”، الذي زار قطاع غزة عام 1958- وكنت لا أزال طالباً بدار العلوم، ولست أشك في أن هذه العلاقات قد رسمت أمامي أفقاً مترامياً للإطلاع، وللكتابة الإبداعية، ولإنجاز مطالب اللقب العلمي، والعمل الأكاديمي في ذات الوقت !!
إن هذه المشاركة (الحقلية) قد تبدو تعويضاً (سياحيا) مناسباً، وإن كان لا يملك العمق، ولا يحظى بالديمومة التي يحققها التسجيل الكتابي ..
وقد أجد قدراً من الرضا في هذا التنوع، وهنا تحضرني – من ذكريات القرية – ما كان ينادي به الجزارون للترغيب في شراء ما يعرضون من لحوم متميزة، فقد كانوا يصيحون : البحر واحد .. لكن السمك ألوان !!
وبالمثل، يمكن أن نقول : الكلية هي بذاتها، ولكن الاتجاهات تختلف ..
والله أعلم ..
