قصيدة : الكأس المثلثة – 18 مايو 2020
الصيد السمين .. من معجم البابطين (48)
المعجم من هذا النوع (الشعر) والمستوى (الموسوعي) لا يصح أن يأخذ مكانه زينة (ثقافية) فوق الأرفف .. إنه حياة شاملة، وخبرة متجددة، تنادي من يتفاعل معها .
* * *
الكأس .. والحسناء .. والطبيعة ..
الكأس المثلثة
وكـرم زرته في يـــــوم عــيدٍ .. وقـد غصـت ببقعتــــه الربابُ
توافدت الحضارة في شهابٍ .. من العـرفان يتلـــــوه شهـابُ
ورب الكَرم أقبل وهو شيــخٌ .. تحيط به الحـداثة و الشبـــابُ
يروم قطاف ما غرست يداه .. ليوضح سر ما عصر الشــراب
فأوما وهو لم ينبـس بقــول .. وكـل إشـــــارة منــــه خطابُ
فهـب لأمــــره حُـــور خفاف .. بأعطاف هي الظرف المـذابُ
بـرزن مـن الخباء مقنعــــات .. ولاح الفجر إذ رفع الحجــــابُ
تجلى وحي ” مينرفا” ذكـاءً .. بطلعتهـن فـاتضـــح الصواب
لبسن من النقا هفهاف تبـرٍ .. يشف عن النضار ولا ارتيـابُ
وبــادرن المعاصر حاســـرات .. عن الأردان عطرها المــلاب
عصـــرن الخمر قد مزجت بقدٍ .. فمـا أدري أشهـد أم رضابُ
وفجـــرن العيون على زجــاج .. ببلـور الخـدود لها انصــــابُ
…………..
* * *
شاعر القصيدة : بتراكي خياط (1891 – 1959) سوري من حلب ، وتوفي في بيروت .
• القصيدة كما أوردها ” معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين” في 21 بيتا . من “بحر الوافر” . وهي قصيدة “خمرية مشهدية” إذ لا تتغنى بالخمر ، بقدر ما تصف المحيط المفعم بأنواع اللذة التي تحيط بالكرم ، وعملية العصير ، وإتراع الكؤوس .
• تنتمي القصيدة إلى ما حرص على جمعه الشابشتي في كتابه “الديارات” ، إذ تكشف عن (الوجه الآخر) للحياة العربية ، التي لم يحرص شعراء السلاطين والقصور على تسجيل ملامحها، ومن ثم نحيل على مثل هذه التجارب للكشف عن المسكوت عنه في سلوكيات البشر .
• تمتزج معاني الغزل بالمرأة الجميلة، بمعاني الاستمتاع بالشراب، وفي ختام القصيدة يرفع الشاعر كأسه تحية لمن أحسنوا استقباله وإمتاعه، وهذا تقليد تراثي كذلك، تجد وصفه في بعض قصص كتاب”الفرج بعد الشدة”للقاضي التنوخي.
* * *
التوثيق : المعجم – المجلد الخامس – ص 65 .