قصيدة : العنقود الذبيح – 30 يناير 2020

قصيدة : العنقود الذبيح – 30 يناير 2020

الصيد السمين .. من معجم البابطين (17)
المعجم من هذا النوع (الشعر) والمستوى (الموسوعي) لا يصح أن يأخذ مكانه زينة (ثقافية) فوق الأرفف .. إنه حياة شاملة، وخبرة متجددة، تنادي من يتفاعل معها .
* * *
شاعر نواسي ..
العنقود الذبيح
هـــرمـــت وما تزال فتى جموحا .. أمــــا آن الأوانُ لتستــــــريحـا
أمـــن كـــأسٍ تسميهـــا غبـوقـاً .. إلى كـــأس تسميهــــا صبوحا
نهــــارك مثـــل ليـــلك لا تبـالي .. سقيماً كنت يـومـك أو صحيحـا
أعـــند الشـيبِ تجنح للمعاصي .. وكـــنت أحـب للتقـوى جنــوحا
كأنـــك والــــذنوب لـديك شتـى .. ترى في الخمر عصياناً صريحا
تهش بـــوجه مــن يسقيك منها .. ولـو سُمـاً وتنتهـــر النصـــوحا
وتشرب لا تعـــاف الكأس حتى .. يـراك النـاسُ من سُكـرٍ طريحا
ورب معــــذبٍ هيهـــــات يلقـى .. كهـــامـــد وعيـه شيئـاً مُريحا
يطالعــــك الحــــرامُ فتشتهيـه .. وتكـــره مــــا أُحـل ، وما أُبيحا
وتستحلي الخبيث فكل شيءٍ .. تـــــراه إذا سكــرت بـه مليحـا
ولولا خوفُ ربك لــــم تحــــاذرْ .. غـداة الحشـر سكـرك لو أُتيحا
تخاف من الأذى وتطيـــر أُنساً .. إذا شـــاهــدت عنقــوداً ذبيحـا
………..                                                          
* * *
 شاعر القصيدة : حافظ جميل ( بغداد – 1908 – 1984)، درس في الجامعة الأمريكية ببيروت التاريخ الطبيعي في كلية العلوم. ولعل هذا يفسر قدرته على تقصي المعاني ، وفلسفة الأخلاق .
• القصيدة كما أوردها ” معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين” في ثلاثين بيتاً، من (بحر الوافر) .
•”العنقود الذبيح” كناية عن الخمر ، المصنوعة من العنب خاصة ، والخمر -وأساسها نشوة غياب الوعي ، وانفساح الخيال – مطلب إنساني قديم ، تفنن القدماء في استخلاصه من شتى النباتات ، بدرجة تسمح بأن نزعم أن كل ما تنبت الأرض يمكن أن يتحول إلى خمر !
•هذه القصيدة ذات طابع نواسي (نسبة إلى الحسن بن هانئ ، وكنيته : أبو نواس) فأكثر معانيها نجدها (ولا نقول استمدها حافظ جميل) في خمريات أبي نواس، وبخاصة الإشارة إلى رغبة المجاهرة بالشرب ، وأنه أساس في الاستمتاع باحتسائها، ثم تعقب أثرها العضوي في الجسم ، والنفسي في المشاعر ، والعقلي في تراجع الوعي ، وتحرر الخيال .
•عرف العرب – قديما وحديثا – صنوفاً مختلفة من المواد المخدرة، والطريف أن عدداً غير قليل من قصائد المعجم ، ذكر ” القات “، و” الحشيش” ومع هذا تبقى الخمر المصنوعة من العنب، أو الجعة المصنوعة من الشعير في صدر قائمة المغيبات . أما زراعة العنب فقد وجدت طريقها إلى أوروبا وقد دخل في طقوسها المسيحية ( في صورة النبيذ) ، رمزاً لدم المسيح .
* * *
 التوثيق : المعجم – المجلد السادس – ص98

اترك تعليقاً