حين تكون الكلمة سلاحاً للقتل !! – 11 يناير 2020
1- اللؤلؤة : حين تكون الكلمة سلاحاً للقتل !!
حين ذكر أبو العلاء المعري اسم النعمان، وما كان بينه وبين النابغة الذبياني من علاقة متوترة، تصدى الخوارزمي للتعليق على هذه الإشارة في بيت المعري، فأورد هذا الخبر الطريف :
” كان عدي بن زيد ترجمان أبرويز، وكاتبه بالعربية ، فوصفه له النعمان حتى ولاه من بين إخوته، وكان أقبحهم ، ثم اتهمه النعمان فاحتال له حتى قتله . وتوصل ابنه زيد بن عدي إلى أبرويز حتى أحله محل أبيه، فذكر له نسوة آل المنذر بالجمال والأدب . فكتب أبرويز يخطب إلى النعمان أخته أو ابنته . فلما قرأ النعمان الكتاب قال : ما يصنع الملك بنسائنا، وأين هو عن مها السواد، اللواتي كأنهن في الحسن المها ؟ – فترجم زيد لأبرويز بأن يقول : أين هو عن البقر لا ينكحهن ؟ فضب على النعمان أبرويز ، فطلبه ، فهرب منه ، ثم أتاه بالبدائل . فصف له أبرويز ثمانية آلاف جارية صفين ، فلما رأينه قلن له : أما فينا للملك عن بقر السواد غنى ! وأمر به كسرى فحبس بساباط ، ثم ألقي تحت أرجل الفيلة ، فتوطأته حتى مات ” .
2- المحــارة :
– هذا الخبر يستفيض جزء منه في الدراسات الأدبية المعنية بالنعمان بن المنذر (ملك الحيرة) في علاقته بكسرى الفرس ، وكان النعمان (حارساً/بدويا) لحدود الدولة الفارسية، تحت سيطرتها ، كما كان الغساسنة يقومون بنفس الدور (حراسة حدود الدولة من البدو بالنسبة لدولة الروم في الشام) .
– وكما نرى في هذا الخبر فإن النعمان لقي مصرعه بهذه الطريقة الشنيعة (دهسته الأفيال) جزاء ما تم تحريفه في معنى كلمة قالها، إذ فسر المترجم كلمة (المها) بأنها تعني (البقر) في حين أنها أكثر صدقاً على الغزلان أو البقرة الوحشية التي اعتاد الشعر العربي أن يشبه جمال العيون النسوية بعيون البقرة الوحشية .
– ومن حقنا – بعد قراءة هذا الخبر في صيغته الأدبية المتداولة في المصادر العربية- أن نفسره بإحدى طريقتين أو بكليهما ، فليس يصعب الجمع بينهما :
• الأول : أن النعمان كان له ما يعرف بيوم البؤس، وفيه يقتل أول من تقع عليه عينه ! وله في هذا السياق نوادر متعددة . ولا يغفر له هذا العمل الدموي ما يتصل بذكرى صديق له قتله وهو مخمور !!
• وخبر مطاردة النعمان لشاعره النابغة الذبياني معروف، فقد اتُهم النابغة بأنه تغزل بزوجة النعمان ، ودُست عليه أبيات (ومن العجب أن هذه الأبيات مسجلة في ديوانه، على الرغم من تناقضها مع سياق القصيدة التي أُلحقت بها) فما كان من النابغة إلا أن هرب واختفى ، وأرسل اعتذارياته الشعرية تباعاً دون أن يحصل على الغفران، إلى أن مات النعمان .
3- الهيــر :
– أبيات أبي العلاء المعري من ” شروح سقط الزند” – القسم الثالث – بإشراف : طه حسين – الهيئة المصرية العامة للكتاب – 1987 – ص1398 .