قصيدة : القفص المهجور – 23 مارس 2020

قصيدة : القفص المهجور – 23 مارس 2020

الصيد السمين .. من معجم البابطين (32)
المعجم من هذا النوع (الشعر) والمستوى (الموسوعي) لا يصح أن يأخذ مكانه زينة (ثقافية) فوق الأرفف .. إنه حياة شاملة، وخبرة متجددة، تنادي من يتفاعل معها .
* * *
وقد مضى زمن الحب !!
القفص المهجور
إن قلبـــــي بعـــــد أن مــــات الهوى .. قفـصٌ أفلـت منـه البلبــــلُ
مـــــوحــــشٌ كــالقبــــر لا ينتـــــابـه .. رغبــــةٌ أو رهبــــةٌ أو أمـــلُ
تخفــــت الطيــــــــرُ إذا مـــــرت بــه .. صوتها من خشية أو تـــرحل
عــــرفـــــت مــــن قبـل فيه صادحاً .. في أناشيد الهوى يسترسلُ
تسكــــر الأسحـــــار مـــــن تغريده .. ويميــــل الـــروض مما يغزلُ
وكـــــأن الطيـــــــــر أصـــــــداء لـه .. فتعــــيد الطيــــر مـــا يترجل
هائـــــمٌ فـــــي شــــــدوه تحسبه .. فكــرة طـــــائـــرة تشتعـــل
عشقته الزهر تسعى في الضحى .. مـــــن شـذاهن إليه الرسل
أو فـــــراشـــات إذا مـــــا كُلفــــت .. نقـــــل أسـرار الهوى تمتثلُ
عـــــاد نيـــــروز وهــــذي شمسه .. في ظلال الروض منها قُبـلُ
مســــتديـــرات حيــــــــارى كلمـا .. مــــر بالـــروض نسيمٌ تجفلُ
وتـرى فـي القفص الخــــالي لها .. منظــــراً فـاضت لديه المقلُ
ســــرب أرواح جفــــــاهـــا إلفهـا .. فتهــــافتن إليــــه مـــن علُ
فــــــإذا الإلــــــــف شـــريـد وإذا .. قفــــص الإلـف كثيبٌ مهملُ
آه يـا صــــــداح هـــــل من عودة .. فيــــواتينــــــا الــزمان الأولُ
* * *
 شاعر القصيدة : يوسف غصوب ( 1893 – 1972 ، ولد في إحدى قرى لبنان ، وتوفي في بيروت ، وعاش في لبنان وإيطاليا وفرنسا وغينيا والسنغال) ومارس التدريس والتأليف الروائي ، والشعر ، والصحافة .
• القصيدة كما أوردها” معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين” في 15 بيتاً ، أوردناها كاملة، وهي من “بحر الرمل” .
• يبدو أن الشاعر أبدع هذه القصيدة في مرحلة متأخرة من عمره المديد ، فطابع التذكر والحسرة على الماضي يكشفان عن هذه الحالة الشعورية ، وتعبيره بالقفص(قلبه) المهجور يوحي بذلك ، والبيت الأخير في القصيدة يكشف عن نزعة تحسر ، ولوعة ، كما يصف زمان الحب بأنه الزمان الأول !!
• في هذا الزمان الأول – زمان الحب – كان كل شيء يبدو طبيعياً ، فكأن الطيور (الجميلات) لا ترى في القفص ما يسوء ، من ثم تأوي إليه . أما وقد اختلف الزمن فقد أصبح القفص مهجوراً ، والطريف أن الشاعر الذي يمسك بزمام الاعتراف لا يريد أن يقول : لماذا حدث هذا التحول؟!
* * *
 التوثيق : المعجم – المجلد الثاني العشرين – ص 190 .

اترك تعليقاً