التناقض في الشعر !! 30 مايو 2019

التناقض في الشعر !! 30 مايو 2019

1- اللؤلؤة : التناقض في الشعر !!
” يذكر ابن قتيبة ، في كتابه “الشعر والشعراء” : أن أبا نواس ، ومسلم بن الوليد التقيا ، فتحدثا حول فنهما الشعري .
قال مسلم لأبي نواس : لا أعلم أن لك بيتاً يسلم من سقط !
وضرب مثلا بقول أبي نواس :
ذكر الصبوح بسحرة فارتاحا .. وأمله ديك الصباح صياحا
وعلق على البيت قائلا : لِمَ أمله ديك الصباح ، وهو يبشره بالصبوح الذي ارتاح له ؟! بما يعني أن في تكوين البيت تناقضاً بين إحساسين : الراحة والملل .
فما لبث أبو نواس أن جاء ببيت لمسلم يظهر فيه التناقض كذلك ، وهذا في قوله:
عاصى الشباب فراح غير مفنّد ..  وأقام بين عزيمة وتجلّد
قال أبو نواس : ناقضت ، ذكرت أنه راح ، والرواح لا يكون إلا بانتقال من مكان إلى مكان ، ثم قلت : وأقام بين عزيمة وتجلد ، فجعلته متنقلا مقيما !
ويعلق ابن قتيبة على الخبر بقوله :
” البيتان جميعاً صحيحان لا عيب فيهما ، غير أن من طلب عيباً وجده “
2- المحارة :
– هذا الخبر (الفني) كان يستحق عناية أكبر عند راويته (ابن قتيبة) ، لأن قضية التناقض في الشعر لا تزال مثارة ، وتعد مغمزاً في القصيدة على امتدادها – وليس في البيت الواحد ، كما جاء في الخبر . بل قد يعد التناقض نقصاً إذا حدث بين قصيدتين للشاعر نفسه ، بما قد يستدل منه على اضطراب موقفه ، وتناقض رؤيته .
– فيما كتب داي لويس عن طبيعة الصورة الشعرية ، أنها تقوم على التعطيل المؤقت للإنكار ، فكل صورة هي حقيقة ، لأن الحقيقة في الانفعال ، فبالنسبة للشاعر : كل شيء هو حق ، نقيضه أيضاً حق ، إنه يستطيع أن يقول عن القمر: إنه محبوبة مخلصة ، وامرأة لعوب متقلبة ، يستطيع أن يقول في نفس واحد : محبوب وبغيض ، وفي لحظة نجد أنفسنا في عالم تتلاشى فيه التناقضات منصهرة في كيان واحد بالشعور الذي أحسها به الشاعر ، والتصميم الذي ربط فنياً بينها .
– من مفاكهات التناقض أن شاعرنا العظيم محمود حسن إسماعيل حين وصف النيل بأنه (ظمآن والكأس في يديه) جاء تعليق أحد أساتذتنا مازحاً : الكأس تمسك بيد واحدة ، أما الذي يمسك باليدين فهو (قرعة البوظة) !!
3- الهيــر :
– اللؤلؤة من ” كتاب الشعر والشعراء” لابن قتيبة .
– أما اقتباس داي لويس فمن كتاب “اللغة الفنية” لمحمد حسن عبدالله – الناشر : دار المعارف -1985– ص58 .

اترك تعليقاً